أعياد الوطن .. احتفاء بالمنجزات وتأكيد للمواقف

ت + ت - الحجم الطبيعي

يشكل الاحتفال بأعياد الوطن: الاستقلال والثورة العربية الكبرى وعيد الجيش، مناسبة للاحتفاء بالمنجزات الكبيرة التي تحققت عبر مسيرة الاستقلال، بتضحيات القيادة الهاشمية والرواد الأوائل من أبناء هذا الوطن الذين رهنوا أنفسهم جميعا لتقديم الأفضل للوطن والمواطنين، فغدا هذا الحمى العربي مثالاً في الإنجاز والتقدم والتطور في مختلف المجالات، ومثالاً في الأمن والاستقرار، ومثالاً في الأخذ بالديمقراطية والتعددية كسبيل وحيد لبناء الدولة المدنية الحديثة.

لقد استطاعت قيادة هذا الوطن -بحكمتها وشجاعتها- أن تجنبه المزالق والمتاعب التي وقعت فيها دول كثيرة، بخاصة حينما انحاز جلالة الملك عبدالله الثاني للربيع العربي باعتباره فرصة ثمينة لتحقيق الإصلاح الشامل، معتمداً على الحوار البناء كوسيلة وحيدة لتحقيق الوفاق الوطني، وهكذا تم تعديل أكثر من ثلث مواد الدستور، وإنشاء المحكمة الدستورية، والهيئة المستقلة للانتخابات، وإجراء الانتخابات بمشاركة شعبية كبيرة، أشرت على أن الشعب الأردني مصمم على المشاركة والتغيير، ويرفض المقاطعة لأنها لا تبني أوطاناً، ولا تحقق إصلاحا.

محطات كثيرة تفرض هذه الأعياد الوقوف عندها لإضاءة المسيرة والتجربة، ورغم تعذر ذلك إلا أننا إضافة إلى تبني جلالة الملك عبدالله الثاني لمسيرة الإصلاح وإصراره على تحقيق هذا الهدف النبيل للنهوض بالوطن فإننا نعتقد أن إيمان جلالته بالديمقراطية يشكل محطة بارزة بتحقيق التحول الديمقراطي.. فهذا الإيمان هو الذي أملى على جلالته طرح رؤيته في أربع اوراق نقاشية، شخّص فيها أهمية الديمقراطية، وركائزها التي تقوم عليها وأهمها الحوار واحترام الرأي الآخر والمشاركة بالتضحية والمكتسبات وأخيرا أسس تمكين البرنامج الديمقراطي بشقيه: السياسي والاقتصادي، ودور المواطنة الفاعلة بهذا التمكين، وكلها تعد شواخص تضيء طريق المستقبل ما يضمن استمرار عملية الإصلاح.

وفي ذات السياق فإن تمسك الأردن بالثوابت العربية -كما نادت بذلك الثورة العربية الكبرى- من أهم المحطات في مسيرة هذا الوطن، إذ بقي الأردن وفياً لثوابته العربية في الحرية والوحدة، والحياة الأفضل، وفياً لأشقائه -بخاصة الشعب الفلسطيني- ومصراً على تحقيق السلام الشامل من خلال اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وعودة اللاجئين.

واستطاع جلالة الملك بخطابه الواضح المحدد والذي تمثل في كلمته بالأمم المتحدة خلال دورتها الأخيرة أن يكسب احترام العالم كله بعد أن طرح رؤيته بوضوح تام، داعياً المجتمع الدولي -بخاصة الدول دائمة العضوية- لإنصاف الشعب الفلسطيني، فهو الشعب الوحيد الذي لا تزال أرضه محتلة. مؤكدا أن السلام في المنطقة لن يتحقق إلا بإقامة الدولة الفلسطينية ورحيل الاحتلال، محذراً في الوقت نفسه من المساس بالمقدسات الإسلامية والمسيحية باعتبارها خطا أحمر، الى جانب تأكيده موقف الأردن بضرورة حل الأزمة السورية حلاً سياسياً، للحفاظ على وحدة القطر الشقيق: وطناً وشعباً.

لقد كانت فلسطين والقدس والأقصى في وجدان الهاشميين منذ أن فجّر الشريف الحسين بن علي الثورة العربية الكبرى، ورفض المقايضة على ذرة من ترابها، وهو من بايعه الشعب الفلسطيني وأهالي القدس بالولاية والوصاية عليها، تلك الوصاية التي تأكدت مؤخرا في الاتفاقية التاريخية بين جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس الفلسطيني، فيما لا تزال دماء شهداء الجيش العربي في ساحات الأقصى وعلى أسواره تذكّر الأمة -من نسي أو تناسى- بالنفير إلى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين لتحريرها من العدو الصهيوني.

مجمل القول: فيما يغمر الفرح الأردنيين وهم يحتفلون بأعياد الوطن، فإنهم يعاهدون الله والوطن والملك أن يضاعفوا جهودهم للحفاظ على هذا الحمى قوياً وعصياً على الطامعين، وقلعة أمن واستقرار، ونموذجا في العطاء والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان..

حمى الله الأردن.
 

Email