وهم الحل الأمريكي لقضيتي فلسطين.. وسوريا

ت + ت - الحجم الطبيعي

فلسطين وسوريا حاضرتان على الطاولة الأمريكية، لكنهما قيد التداول البطيء والمراوغ وهي مشكلة السياسة الجديدة للدولة العظمى التي شعرت أنها لابد أن تخرج من مسؤولية المهيمن وصانع القرار ومنفذه، إلى أسلوب الدبلوماسية المشتركة مع المعنيين بأي قضية..

(جون كيري) وزير الخارجية الأمريكية يعايش بشكل واضح تلك المهمتين، فهو مع انهاء الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، ويتضح أنه يريد احياء المشروع العربي للسلام، لكن وفق تغييرات تقبلها إسرائيل، ومع الترحيب بهذا العمل، إلاّ أن الشكوك أصبحت أكثر تشاؤماً، لأن من سبقوه أعطونا كل شيء، ثم فجأة تعثرت وتوقفت كل الجهود، وحتى الرئيس أوباما الذي نال شعبية جارفة عند المسلمين لم يحصل عليها أي رئيس أمريكي سابق غير «ايزنهاور» الذي أوقف الاعتداء الثلاثي على مصر، جعلنا نرى فيه صورة أمريكا المتحررة من هيمنة «اللوبي» الإسرائيلي، لكن السنوات غيرت البوصلة وأصبح يوصف بالرئيس السلبي والمتردد أمام القضايا الساخنة في العالم..

كل يعلم أن ترحيل القضية الفلسطينية، لا ينهيها أو يزيلها، لأن شعبها هو من يكرس حياته لها، وبالتالي فإن تعايش إسرائيل في المنطقة مرتبط بهذا الحل وهو ليس وهماً أو ضرباً من الخيال..

سوريا الأكثر صخباً وضغطاً على الضمير العالمي، فكل مخالفات القوانين والحقوق الإنسانية مارسها الأسد، وهناك كابوس روجت له بعض المصادر أن البديل عنه الجحيم، وهذا لم يحدث مع صدام، ولا القذافي، وبن علي، وربما وجود روسيا على خط التماس ضاعف المشكلة، وهي تتحرك وتقوم بعملها بناء على ضعف بالقوة المقابلة وقد استغلوها، بأن مرروا قرارات، وضاعفوا الدعم العسكري للنظام وسموا المعارضة بالإرهابية، ورفضوا الاعتماد على تقارير دولية عن استعمال الأسد أسلحة كيماوية، ومع ذلك مارست دورها، وهي تحتمي بنفوذها داخل سوريا وحدها، لأنه لا يوجد لها مؤيد أو مناصر إلاّ حكومة طهران والتي تعمل معها بنفس الحماس..

سلبية أمريكا وحلفائها، هل جاءت بسبب انعدام القيمة الاستراتيجية لسوريا، وأنه لا يوجد ما يغريهما التصرف بتلقائية كما حدث في ليبيا، وهذا تكذبه مخاوف ثلاثة بلدان هي حليفة للغرب وأكثرها حساسية بما يجري في سوريا وخاصة تركيا، وإسرائيل والأردن، ودعنا من لبنان الذي تعودنا أن تكون فرنسا هي من تتولى شؤونه، وهي مخاوف غير عادية ومن غير المنطقي تجاهلها..

هناك «فوبيا» من الإسلاميين في سوريا ولا ندري لماذا لا نرى هذه المخاوف تتجدد وكل دول الربيع العربي يسودها حكم إسلامي داخله متطرفون و«براغماتيون» ومع ذلك فالغرب يتعامل معها بدون الشعور بالخوف من الوضع السوري..

فالأسد لن يقبل أو يتنازل عن قراره، إلاّ إذا شعر أن قوة ما بدأت تعادل قوته، وأن الحصار عليه بمواقع حساسة سيجعله مجبراً أن يخرج ولو ببعضة مكاسب، لكنه في الوضع الراهن، يدرك سلبية الغرب وقد استغلها في العمل على تجاوز مطالبهم، وروسيا لاتزال تمسك بالورقة الضاغطة، وإلاّ عرفناها تنازلت عن العديد من المواقف بما فيها عجزها عن حماية القذافي شبه الحليف لها..

كيري يركض بين العواصم لكن الحصيلة حتى الآن مشاورات واجتماعات والنتيجة «خطوة للأمام، وخطوتان للوراء».
 

Email