باكستان.. وإيران.. ماذا بعد الانتخابات؟!

 باكستان انتخبت نواز شريف رئيساً لوزرائها، وهو شخصية معروفة للداخل والخارج بأنه رجل علاقات معتدلة حتى مع الجارة الهند، لكن التحديات كبيرة جداً، اقتصادية، حيث الأزمات المتتالية معقدة، وعويصة لبلد يشكو الفساد في بنيته الإدارية كلها، وأمنية حيث القاعدة لا تزال متوغلة في بيئة تحتضنها، وهناك الجيش كمؤسسة غير مستقلة في تكرار الانقلابات بما فيها الانقلاب الذي قاده برويز مشرف على رئيس الوزراء الجديد نواز شريف، ولا يزال صاحب القبضة الحديدية في إثبات وتغيير الحكومات متى ما أراد استغلال الظرف والتاريخ..

باكستان لديها العديد من الإمكانات لأنْ تكون دولة محورية، لكن أوضاعها المتجددة، جعلت حكوماتها تركز على خلق قوة عسكرية توازي القوة الهندية نتيجة الصراع التقليدي بينهما، لكن الهند بدأت تأخذ دورها كقوة عالمية صاعدة في صناعاتها واستقرارها السياسي وعمق الديمقراطية فيها، وهي مع الصين، قوتان قادمتان بقوة لتكونا قطبيْ المرحلة القادمة ليس في آسيا فحسب وإنما على المستوى العالمي كله..

هناك العديد من الأسئلة المطروحة، لماذا تقدمت الهند وتخلفت جارتها باكستان، رغم تعقيدات الخارطة الاجتماعية والدينية، في الأولى، بينما الباكستان أكثر انسجاماً في وضعها الشعبي والديني؟

قطعاً النظام السياسي هو السبب، فالهند منذ استقلالها وهي تنعم بنظام ديمقراطي راسخ، وهذه ميزة جعلتها تخطط لكي تقضي على الفقر والتخلف بخطط جوهرية ساعدها على ذلك أن مهجرّيها في العالم كانوا رافداً اقتصادياً وعلمياً، وهي رائدة في عالم «البرمجيات»، وتعتبر من أهم الدول في هذه الصناعة المتقدمة، في حين أن باكستان كبقية الدول الإسلامية التي لا تزال تخضع للانقسامات المذهبية والقبلية، ويأتي جوارها لأفغانستان المضطربة أصلاً ليضاعف من أزماتها وخسائرها الاقتصادية، وانتشار الفوضى الأمنية بها..

إيران الجارة لباكستان تعمل على إجراء انتخابات لحكومة جديدة، لكن المرشحين لها لابد أن يأتوا بإذن ومباركة من المرشد الأعلى، وهي صيغة مبتكرة لها، وبصرف النظر عمن يصل للقيادة، فإيران في حكم نجاد واجهت أقسى المواقف مع المجتمع الدولي، فقد تم التضييق عليها اقتصادياً بسبب مشروعها النووي الذي تُجمع القوى الكبرى على رفض دخولها هذا النادي ما أوقف صادرات نفطها، وتدني عملتها، وتعايش ظرفاً صعباً لأن خط الفقر وصل إلى نسب عليا بين المواطنين، وولاة الفقيه يخضعون لسلطة الحرس الثوري الذي يتصرف في مؤسسات الدولة كلها، وهو شبيه بسلطة الجيش الباكستاني على مقدرات الدولة، كما أنه متورط في عمليات تجسس واغتيالات وتصدير للثورة، ما جعل إيران، إقليمياً ودولياً، دولة خارج مسائل التعايش والانضباط وإقامة علاقات تجنبها الضغوط الحادة..

والحكومة القادمة، ستخضع لأوامر ونواهي المرشد الأعلى، وقد لا يكون التغيير في السلوك قائماً، وإنما فقط في الوجوه والأشخاص، لكن هل استمرارها بالعداء مع دول العالم المؤثرة سيجبرها على تغيير سلوكها، أو تكرار نفس السيناريو، لتواجه أوضاعاً أكثر قسوة؟

الأيام القادمة ربما تكشف عن أسلوب السياسة الإيرانية وتوجهها، وهو الأمر المعقد بين الأجنحة المتصارعة..