الرئيس المكلَّف يعرف ماذا يفعل ولا يخضع للضغوط

ت + ت - الحجم الطبيعي

رئيس الحكومة المكلَّف تمام سلام يُشكِّل مفاجأة لكثيرين في أدائه السياسي الراقي الذي أربكَ مَن اعتقدوا بانهم سيُخضعونه لعملية ابتزاز سواء حين انتقلوا من معارضته إلى إعادة تسميته، ثم في مرحلة استشارات التأليف.

حين طُرِح إسمه قيل إنه سيُسمَّى بتسعةٍ وستين صوتاً هو مجموع نواب 14 آذار وكتلة النائب وليد جنبلاط، لكن قوى الثامن من آذار حسبتها سريعاً فارتأت ان لا تكون بعيدة عن السلطة التنفيذية بعدما ذاقت غُنمَها بأسلوبٍ إستئثاري ومن دون مشاركةٍ من أحد، وهكذا التفَّت على عملية إستشارات التكليف فسمَّت الرئيس ميقاتي مع المُسمِّين، لكن هل هذا الالتفاف كافٍ لتحوز قوى الثامن من آذار بطاقة دخول إلى الحكومة بعدد المقاعد التي تُريد؟

هنا اكتشَفَت هذه القوى ان قواعد اللعبة تغيَّرت. فالرئيس المكلف ينطلق من نقاط قوة عديدة أبرزها أنّ حلفاءه لا يفرضون عليه شيئاً ولا يُلزمونه بأي إسمٍ أو مستوزِر، فإذا كان الحلفاء لا يفرضون فحريٌّ بالخصوم ان لا يحاولوا فرض أي إسمٍ أيضاً خصوصاً ان الحكومة العتيدة هي حكومة إجراء الانتخابات ولا مجال للمحاصصة فيها او لطلبات ومتطلِّبات يعرفون سلفاً أنها لن تتحقق.

ما سيعتمده الرئيس المكلَّف هو تشكيل حكومة غير سياسية، تكون مقبولة من البلد وليس من أي طرف فيه، وإذا ما استمرت حملة الضغط التي بدأت ملامحها تظهر فإن الرئيس المكلَّف لن يتوانى عن تشكيل حكومة الأمر الواقع ويطرحها على الرأي العام فتصير هي حكومة تصريف الأعمال.

بالتأكيد لا يريد الرئيس المكلَّف أن يصل إلى هذا الوضع، ولكن في الوقت عينه لا يريد ان يقع فريسة هدر الوقت خصوصاً انه لم يستفز أحداً ولا الاستفزاز من طبعه او سلوكه، إن كل ما يريده هو حكومة حيادية تُحرِّك عجلة البلد وتُجري الانتخابات النيابية لتجديد الحياة السياسية فيه. فهل هذا كثير؟

الرئيس المكلَّف سلام حاز مسبقاً على ثقة شعبية وعلى ثقة الرأي العام، وهاتين الثقتين تُسهِّلان الإقدام على عملية التشكيل ولن يكون بمقدور المعرقِلين ان يُترجموا عرقلتهم.

البلد تعب من المماحكات ومن سياسات أوصلَت البلد الى حافة الانهيار، وينسى المماحكون انّ موسم السياحة والاصطياف على الابواب. فهل يريدون ان يقضوا على آمالهم وأمنياتهم؟

نريد للبنانيين ان يعودوا إلى تمضية عطلاتهم في لبنان، نريد للسياح ان يعود لبنان مقصداً لهم، نريد للبلد ان يعود ينعم بالاستقرار الذي شهده في فترات سابقة ومتعددة.

وما لا نريده هو أن يبقى البلد رهينة بعض الذين يعتبرون السياسة عملية استئثار بالسلطة وبالمقدِّرات وكأنه مشاعٌ خاص يسهّل وضع اليد على مقدراته.

 
 

Email