الإمتحان الإنتخابي في أيار فإما تُكرَّم الإنتخابات وإما تُهان

ت + ت - الحجم الطبيعي

الإنطباع الذي يخرج به أي مُتابع لِما يشهده لبنان من نقاش إنتخابي يصل أحياناً إلى مستوى السِجال، وأحياناً المماحكات. الإنطباع هو أن كل مواطن بات بحاجة إلى دورةٍ مكثَّفة في القانون الدستوري، لأن السياسيين ولا سيما النواب منهم أغرقوا البلاد في سجال لا طائل منه حول القانون الذي يُفتَرَض أن تجري على أساسه الإنتخابات.
 

قانون الستين، قانون اللقاء الأرثوذكسي، القانون المختلط، تعليق المهل، تمديد المهل... قوانين ومشاريع قوانين وبنود قانونية مطروحة على بساط البحث ولا يُعرَف ما هو منها ساري المفعول أو قابل للحياة، إلى درجة يمكن معها القول:
لقد دخلنا في برج بابل قانوني ودستوري ولا يُعرَف كيف الخروج منه!

فالقانون الإنتخابي القائم هو قانون الستين في غياب أي قانون آخر، وكل كلام غير ذلك مغاير للواقع.


فهو قانون لا يزال موجوداً ومعمولاً به ولم يتم إلغاؤه على الإطلاق، بل ان ما حصل في جلسة مجلس النواب هو إقفال الباب على نجاح مرشحين بالتزكية عبر تعليق المهل حتى 19 أيار من جهة، وفتح الباب أمام التوصل إلى قانون جديد للإنتخاب يقوم على الدمج بين النسبي والأكثري، مما يعني إقفال الباب أيضاً على التمديد لمجلس النواب.


فلو لم يتم تعليق المهل في القانون لكان ذلك سيؤدي إلى فوز مرشحين بالتزكية، وعندها لن يكون بالإمكان إقرار قانون جديد بل ستكون الحكومة مرغمة على إستكمال الإنتخابات وفق القانون المعمول به.
***
حصل هذا التطور في غياب الإجماع، فالبعض بدا انه سار في تعليق المُهَل على مضض، والبعض عارض هذه الخطوة، ويأتي في طليعة المعترضين النائب وليد جنبلاط. ولكن ما هي الحصيلة حتى الآن في ظل كل هذه التطورات؟


النتيجة الأولى ان رئيس مجلس النواب نبيه بري إبتكر حلاً سحرياً يقوم على إعطاء مهلة شهر للتوصل إلى قانون جديد للإنتخابات، وهذه المهلة هي مسؤولية النواب في التوصل إلى قانون جديد.


النتيجة الثانية انها ألغت أحكام المادة خمسين من القانون الساري المفعول المتعلِّقة بفوز المرشحين بالتزكية، فالذين تقدَّموا بترشيحاتهم لن يحظوا بإعلان الفوز بالتزكية.


النتيجة الثالثة انه في أيار المقبل إما أن يكون هناك قانونٌ جديد، وإما تتم العودة إلى قانون الستين، وإما المفاجأة الكبرى بالتمديد لمجلس النواب.
 

ولكن ماذا عن موقف الرئيس سعد الحريري من كل هذه التطورات؟


هذا السؤال يُطرَح بعدما خُلِطَت الأوراق وتبعثرت التحالفات.


الزعيم الشاب يُقارِب هذا الملف بجرأة لافتة وبصراحة كبيرة، ويقول:
نحن موقفنا جاد من موضوع النسبية ولكن بعد تشاور طويل مع حلفائنا، وبعد مفاوضات مع الحزب التقدمي الإشتراكي، رأينا انه لا يمكن أن يكون تيار المستقبل عثرة في وجه قانون إنتخاب عصري في مكان ما، قبلنا بالقانون المختلط الذي يجمع الأكثري والنسبي. ونحن قدمنا تنازلاً كبيراً جداً إذ قبلنا بموضوع النسبية والآن الكرة في ملعب الآخرين.


هذا الكلام يعني ثقة بالنفس لا حدود لها، فهو مستعد لخوض الإنتخابات وفق أي قانون. أما التحدي الاكبر فهو لدى الآخرين الذين يريدون ضمان النتيجة في صناديق الإقتراع قبل الموافقة على أي قانون.
 

 

Email