تشكيل الحكومة والإنتخابات وجهان لصعوبةٍ واحدة

ت + ت - الحجم الطبيعي

في تزامن مدروس ومُحبَك، بدأت رحلة الألف ميل لتأليف الحكومة ولإنجاز قانون جديد للإنتخابات النيابية بديلٍ من قانون الستين.

الإنطلاقة ستكون من مجلس النواب وستعود إليه، فاليوم سيبدأ الرئيس المكلَّف تمام سلام إستشارات التأليف مع الكتل النيابية سعياً لتكوين فكرةٍ عما تتطلبه الكتل من حصص.

إنطلق الرئيس المكلَّف من مقولة أن الإجماع عليه أن يُرتِّب مسؤولية على المُجمِعين، لكن هذا الإجماع هو سيفٌ ذو حدَّيْن لأن هناك نظرية تقول إن الذي أعطى موافقته على التكليف يريد ثمناً في التأليف.

في ظل هذه المعمعة، حدَّد الرئيس المكلَّف هدفه فقال إن حكومته العتيدة هي حكومة إنتخابات، وهذا القول يفتح الباب للإستحقاق الأكبر الذي منذ أشهر يدور حول نفسه في حلقة مفرغة.

حتى إشعار آخر، وإلى أن يتم وضع قانون بديل من قانون الستين، فإن المنطق الدستوري يقول بأن هذا القانون مازال قائماً، وهذا ما جعل رئيس مجلس النواب يحرِّك المياه في مستنقع الإنتخابات وذلك من خلال القيام بما يُمكن القيام به بعد تمديد المهل المتعلقة بالتقدم بطلبات الترشح للإنتخابات النيابية والإنسحاب منها، أو تلك المرتبطة مباشرة بموعد دعوة الهيئات الناخبة إلى الإشتراك في الإنتخابات بعد تعديل موعد إجرائها من 9 حزيران المقبل إلى 16 منه.

وينطلق الرئيس بري في حركته من عدة وقائع وثوابت لا يمكن إغفالها:

الواقعة الأولى أن تمديد المهل الذي وقعه رئيس الجمهورية هو إجراء دستوري لا يمكن له تجاهله أو التغاضي عنه. لذا فإن الرئيس بري يسعى إلى تعليق المهل كبديلٍ ممكن من تمديدها.

في ظل هذه المعمعة، كيف يمكن النفاذ بين الألغام السياسية والدستورية؟

هناك آلية بدأ تطبيقها، ففي وزارة الداخلية عددٌ من المرشحين الذين تسجّلوا للإنتخابات، فإذا انقضت مهلة تقديم الترشيحات من دون أن يكون هناك منافسون لهم فإنه يُصار إلى إعلان فوزهم حُكماً، وفي حال عدم إعلان هذا الفوز يكون في الأمر خطأ دستوري.

هذا يعني أن رئيس الجمهورية لا يمكنه التغاضي عن المهل، فهل نصل إلى أمرٍ واقع يسمح بإعلان مَن لم يترشَّح غيرهم في الدوائر المحددة في قانون الستين؟

إنها فوضى عارمة!

ترشيحات وفق القانون المعمول به، في مقابل غياب ترشيحات والتشكيك بالقانون المعمول به، وكل ذلك في ظلِّ وقت ضاغط لا يُتيح الكثير من ترف التفكير المطوَّل.

مُخطئ مَن يعتقد بأن في الأمر نزهة، فالأمور في غاية التعقيد ليبقى السؤال:

كيف سيتم النفاذ من حقل الألغام هذا؟

سؤال في غاية الصعوبة، والجواب أيضاً.
 

Email