عدو بثياب غادرة!

ت + ت - الحجم الطبيعي

ليس مستغرباً كشفُ خلية تجسسية لصالح دولة أجنبية، فأجواء المنطقة تعج بأحداث ومتغيرات خلقت ثغرات عديدة لتدخلات سياسية وأمنية وتجسسية، وقطعاً المملكة تبقى هدفاً وخاصة لدولة كشفت عن عدائها القومي والمذهبي، واستهداف الدول العربية ظل في البند الأول لدول عديدة، لكن دخول دول إقليمية تشترك معك في الحدود، وتتقاطع بالأهداف، ولايقتصر الأمر على زرع خلايا، أو حتى الإقدام على فعل إرهابي، ولكن الفكر المؤدلج لتلك الدولة لازال يعيش مراحل الحرب الباردة، وغرور القوة، غير أن كشف هذه الخلية والغالب عليها مواطنون سعوديون بعضهم يحمل مؤهلات عليا، إلى جانب عربي لبناني وإيراني كان أمراً متوقعاً؛ لأن أجهزة الاستخبارات والأمن الأخرى التي رصدت وتتبعث نشاطاتهم، ومن ثم القبض عليهم جاء عملها ضربة استباقية لمن جندهم.

مهنة التجسس من أقدم الأعمال التي باشرها الإنسان ضد خصمه، وقد أصبحت الآن جزءاً من حرب تُستخدم فيها أعلى تقنيات العصر، ولا تقتصر على الجانب الأمني والعسكري فقط، بل دخلت دهاليز الاختراعات والكشوفات، والتجارة والصناعة وغيرها، لكن المواجهة قد تصبح حتى من دولة ثانوية قياساً لدولة متقدمة قد تستخدم قدراتها البسيطة في الإيقاع بالدولة الأكبر، وهذا لا يعني أن المملكة بلا أذرع وعقول وتقنيات متقدمة، حيث استطاعت كشفَ بؤر أكثر خطورةً من جمع المعلومات وإرسالها وإنما جبهات ظلت تهدد أمنها بأعمال تخريبية ما وضعها على قائمة الدول التي استطاعت وقف نشاطات إرهابيي القاعدة وغيرها، بل واستطاعت أن تبعث برسائل لدول متقدمة بكشف عناصر استهدفت أمنها..

لكن لماذا اختيار مكة المكرمة والمدينة المنورة، والرياض والشرقية، ودون الوصول إلى مواقع أخرى مهمة؟

هل يعني هذا أن الخلية المكتشفة هي الركيزة التي قد تنطلق منها خلايا أخرى، أم أن هذه المواقع تجسد القيمة الأساسية لنقل المعلومات والوسيلة التي تجعل اتساعها وتعداد سكانها وأهميتها تعطي للأشخاص حرية الحركة، والتخفي في المجاميع الكبيرة..؟

قد يكون هذا صحيحاً، ولكن تقديرات تلك الدولة جاءت معاكسة أي أنها لم تدرك أن أجهزة المملكة متقدمة، وأن من يديرون حماية أمنها على كفاءة كبيرة، ولعل القضية لا تنحصر في هذه الواقعة وحدها، حينما نعلم أن هناك حوادث مشابهة جرت مع دول خليجية وعربية أخرى، وقد تستمر المحاولات طالما نزعة الحرب النفسية قائمة معها، ولكن هل هذه الدولة محصنة بما فيه الكفاية أم أنها تكون هي ذاتها هدفاً، أو أن الخلية المكتشفة ذاتها جاءت معلوماتها من عيون خاصة داخلها؟

إذا كانت الاحتمالات مطروحة فالغلبة لمن يملك القدرة ويتعامل معها بنفس الشعور والإحساس والعقلانية، ومثلما لا نقلل من قدرة أي خصم داخلي أو خارجي، فإننا لانستهين بكفاءتنا وقدراتنا، والتجارب الحديثة جداً أعطتنا اليقين أن لدينا ما وضعنا على لوائح الدول المتقدمة في حماية شعبنا وأرضنا من أي اعتداء، وهي نتيجة لعمل طويل أوصلنا إلى هذه النتائج الكبيرة..

 

Email