تصويت اللجان المشتركة لا يعني إقرار القانون الأرثوذكسي

ت + ت - الحجم الطبيعي

كيف يمكن إقرار قانون للإنتخابات تعارضه طائفتان، أو على الأقل، أو الأكثرية في ظلٍّ من هاتين الطائفتين، ومجموعات لا بأس بها من الطوائف الأخرى؟

هذه هي حال قانون اللقاء الأرثوذكسي، تُعارضه أغلبيات الطائفة السنية والطائفة الدرزية ومجموعة لا بأس بها من الطائفة المسيحية، أما مؤيدوه من الطوائف الإسلامية فمحصورون بالأكثرية من الطائفة الشيعية التي لم تؤيده أصلاً بل أيَّدت العماد ميشال عون الذي يؤيده، فهل هكذا توضَع القوانين؟

لو ان مواد الدستور اللبناني، عند ولادته عام 1926، وُلِدَت وفق هذه الذهنية، هل كان خَدم حتى اليوم؟

هذا الدستور الذي يقترب من أن يصير عمره مئة عام عُدِّل أكثر من مرة لكنه لم يُلغَ، فلو لم يكن صلباً وراسخاً وثابتاً، هل كان ليصمد؟

إن سبب هذا الصمود أن المشرِّعين الذين وضعوه كانوا يضعون نُصبَ أعينهم مصلحة البلد قبل مصالحهم، فهل نواب الأمة اليوم يعملون بالذهنية ذاتها؟

لو كان الأمر كذلك فلماذا هذا الإنقسام وهذا الإنشطار في المداولات حول القانون العتيد الذي ستجري على أساسه الإنتخابات النيابية؟

الخطير في ما يجري أن التشريع يكاد أن يتحوّل إلى عملية ثأرية أو نكدية بمعنى ان بعض الكتل تعمل على الثأر من كِتلٍ أخرى مستفيدةً من ميزان القوى السائد في البلد! فهل التشريع يقوم على موازين القوى أو على المبادئ والتوافق؟

خطيرٌ ما يجري، وخطيرةٌ العقلية التي تُدار بها الأمور، فما هو هذا القانون الذي يُقسِّم اللبنانيين في وقتٍ هُم أحوج فيه إلى أن يكونوا موحَّدين.

وقمة المفارقات في هذا المجال هو هذا التناقض في أداء الحكومة بين ما تطرحه على طاولة مجلس الوزراء وبين ما يتبنَّاه أعضاؤها في مجلس النواب.

على طاولة مجلس الوزراء تبنَّت الحكومة مشروع النسبية القائم على تقسيم لبنان ثلاث عشرة دائرة، أما في مجلس النواب فإن معظم الوزراء ولا سيما وزراء 8 آذار يتبنون الطرح الأرثوذكسي! فهل هكذا يكون التضامن الوزاري؟
وهل هكذا يكون التشريع؟

ثم مَن يعرف ما هو الموقف الحقيقي لرئيس الحكومة من القوانين المقترحة للإنتخابات النيابية؟

هو يرفض قانون الستين أو قانون الدوحة ويُذكِّر بمشروع القانون الذي أحالته حكومته إلى مجلس النواب، ويحاول مسايرة بعض حلفائه في النظرة إلى القانون الأرثوذكسي، فهل هذا هو الإنسجام الذي يجعل الموقف مقسَّماً إلى ثلاثة أضلاع؟

إذا كان القانون الأرثوذكسي لن يمر فلماذا هذا الكم من تضييع الوقت وإلهاء الناس وإيهامهم بما لن يتحقق؟

هل هذه هي الثقافة التي ستُتّبع من الآن فصاعداً، أي ثقافة حرق الوقت والأعصاب؟

كأنه لا يكفي اللبنانيين الإضرابات والإعتصامات وتقطيع أوصال البلد عند كل مطلب؟

بئس هذا الزمن!

 
 

Email