رئيس الحكومة والإمعان في سياسة النأي بالنفس

ت + ت - الحجم الطبيعي

ليس هناك في لبنان ما يدعو إلى الإنبهار، وليس من حدث يُسبِّب الإبهار، لقد بات كلُّ شيء روتينياً إلى درجة الرتابة:

في السياسة وفي الأمن وفي الإقتصاد!

كلُّ ملفٍ يدور حول نفسه، وكلُّ قضية تراوح مكانها، وفي عصر السرعة القصوى تبدو الملفات والقضايا بما يُشبه سرعة السلحفاة.

إذا أخذنا السنة الجديدة، على سبيل المثال لا الحصر، فماذا نجد من إنجازات مما تّحقَّق فيها حتى الآن؟

خمسة أسابيع مرَّت منها، ولا إنجاز واحد تحقَّق، عشية الدخول في هذه السنة أُغدقَِت وعود لا تُحصى ولا تُعد:

من التشكيلات القضائية إلى ملء الفراغات الإدارية، إلى المباشرة بدرس الموازنة إلى إنجاز قانون جديد للإنتخابات النيابية إلى إيجاد مخرج للنزاع مع هيئة التنسيق النقابية، فماذا تحقَّق من كل هذه الوعود؟

التشكيلات القضائية لا أحد يتحدَّث فيها.

الفراغات الإدارية ما زالت على حالها، ولا شيء في الأفق يُنبئ بقرب ملئها.

الموازنة العامة للعام 2013 مازالت تراوح مكانها على رغم كل الجهود التي يبذلها وزير المالية محمد الصفدي.

قانون الإنتخابات النيابية مازال في عنق الزجاجة ولم تفلح كل الجهود في جعله يُبصر النور.

وأخيراً وليس آخراً فإن التعيينات الإدارية مازالت أثراً بعد عين!

هل أحدٌ بحاجةٍ إلى دليل أكثر من الدلائل التي سبقت ليتثبَّت من ان الحكومة تُعيد البلد أزمنة إلى الوراء؟

لعلها أول حكومة، ليس في لبنان فحسب بل في العالم أيضاً التي لا تستعين بمفكرة ولا تحمل جدول مواعيد، فمواعيدها وعود وليست إلتزامات، ومفكرتها غير موجودة، لذا فإن الإلتزامات لا تعني لها شيئاً، ودائماً تراهن على ان الأحداث تأكل بعضها فيكون المواطن مضطراً للإنشغال بالحدث الطازج وينسى الحدث الذي سبق حتى ولو كان تاريخه أمس وربما قبل ساعة.

أين الحكومة اليوم من الإستحقاقات الداهمة؟

الجوابُ جاهز:

نأيٌ بالنفس. فهذه الإستراتيجية التي انتهجها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، يبدو انه مُمعِنٌ فيها حتى النهاية، لكنه نأيٌّ بالنفس على القطعة إذا صحَّ التعبير، فأحياناً يبدو متحمساً كثيراً لأمور تستدعي نأياً بالنفس، وأحياناً أخرى ينأى بنفسه عن قضايا تستدعي إلتزاماً. ففي الأسفار والرحلات الخارجية لا شيء اسمه نأيٌ بالنفس بل إكثارٌ من هذه الأسفار والرحلات غير المجدية، وفي القضايا الملحة التي تستدعي تدخلاً تُراه يهرول نحو النأي بالنفس خشيةً من أن يُحرِق أصابعه!

هكذا رئيس الحكومة له الغُنْم ولغيره الغُرْم، وما همه من هدير الإنتقادات!

أليس هو صاحب شعار انه يضع القطن في أذنيه؟ 
 
 

Email