ماذا بعد جنيف؟ وهل من اعتبارات للتدخل؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

حدثان غير مرتبِطيْن لفتا نظر المراقبين الاستراتيجيين في عطلة نهاية الأسبوع:

الأول ما أدلى به الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي بالتزامن مع انتهاء إجتماع جنيف بين الأميركيين والروس والأخضر الابراهيمي، ومع انعقاد المجلس الوزاري للجامعة العربية.
يقول العربي:

إن ما طالبت به الدول العربية منذ مدة بأن يتدخل مجلس الأمن بشكل حاسم... بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لفرض وقف إطلاق النار بقرار ملزم، هو الطريق الوحيدة المتاحة الآن لإنهاء القتال الدائر وهو ما يتيح البدء في عملية انتقال سياسي ويكشف العربي إنه تشاور حول إصدار قرار يتفق مع الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والإبراهيمي. ويشدد على أنه يطالب بقوة حفظ سلام كبيرة وفعّالة تضمن وقف القتال الدائر وتوفر الحماية للمدنيين الأبرياء.

العالمون بخفايا مصالح الدول يعتبرون أن اندفاعة الأمين العام للجامعة العربية نحو المطالبة بإرسال قوات حفظ سلام، ليس الهدف منها فقط حماية الأبرياء لأنه لو كان هذا هو الهدف فلماذا الانتظار لحمايتهم بعد سقوط ما يزيد عن الأربعين ألف قتيل في سوريا حتى اليوم؟

إذاً الهدف ليس فقط حماية الأبرياء بل تأمين حمايةٍ لأسلحة قد يكون من باب الخطر استعمالها، وهذا قرارٌ لا يُتَّخذ على مستوى الجامعة العربية فقط بل إنه يحتاج إلى اجتماع الجبَّارَيْن، الأميركي والروسي للبت فيه، وهذا لم يكن متوافراً إلا في اجتماع جنيف. لكن هل يحصل هذا التدخُّل؟

يقود هذا السؤال إلى الحدث الثاني وهو التدخل العسكري الفرنسي المباغِت في دولة مالي الافريقية، فرنسا فاجأت الكثيرين بغاراتها على شمال مالي، لأن القوات الدولية المرخصة من الأمم المتحدة كانت ستنتشر في البلاد بحلول فصل الخريف.
السؤال الذي يطرحه المراقبون هو:
هل من سبب جوهري، غير مصالح الدول، يستدعي التدخل العسكري في أي بلد؟
ويسارع المراقبون إلى الإجابة:
بالتأكيد لا، فمصالح فرنسا فوق كل اعتبار حين تدخَّلت في مالي، فيما مصالح الدول لم تكن فوق كل اعتبار حين اندلعت الحرب في سوريا، وبعد شهرين يصير عمرها سنتين، ولكن بعد مخاطر استعمال أسلحة خطيرة، تتحرَّك الدول لمحاصرة هذه الحرب فتبدأ عملية الإخراج من خلال الحديث عن حملة الأبرياء.

هكذا، يخلص المراقبون الاستراتيجيون إلى اعتبار أن العد العكسي لإرسال قوات دولية إلى سوريا قد بدأ، وأن المسألة لم تعد سوى مسألة شهور وربما أسابيع، فاجتماع جنيف انتهى لكن مفاعيله لم تبدأ بعد.


 
 

Email