سرُّ بعبدا وسحرها

ت + ت - الحجم الطبيعي

جاء الرؤساء إليها فلم يتركوها... آخرهم كان الرئيس السابق إميل لحود، جاء من بعبدات فكان له، بعد العهد وبعد التمديد، منزلٌ فيها. قبله كان الرئيس الراحل الياس الهراوي، جاء من زحلة فكان له، بعد العهد وبعد التمديد، منزلٌ فيها، وهذا المنزل تُحييه السيدة منى الهراوي بين حين وآخر، وأحدث المحطات فيه العشاء التكريمي الذي أقامته لرئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، يوم السبت الفائت.


شذَّ عن هذه القاعدة الرئيس السابق أمين الجميّل فجاء من بكفيا وعاد إليها. اليوم يبدو أن الرئيس العماد ميشال سليمان، على خطى أسلافه، سيُقيم بعد انتهاء العهد، في أيار/ مايو من العام ٢٠١٤، في بعبدا وتم شراء شقة متواضعة مساحتها ٧٥٠ م٢ في مبنى كذلك اشترى اثنان من أقرب الاصدقاء في نفس المبنى، وعلى رغم أنه باقٍ من العهد سبعة عشر شهراً، فإن مكان الإقامة قد حُدِّد لينضم الرئيس سليمان إلى نادي الرؤساء المقيمين في بعبدا ومنتقلاً الى عمشيت.

إنه سحر هذه المدينة وسرَّها، لا بل سحر القصر وسرّه. وهذان السحر والسر يجعلان كل رئيس لا يطيق العيش بعيداً من القصر حتى ولو أصبح رئيساً سابقاً.

ولكن ماذا عن سحر الوطن وسرِّه؟
الجواب في سحر الانتخابات النيابية، فهذا السحر الذي يتكرر مرةً كل أربع سنوات، له هذه المرة نكهته الخاصة، فالمجلس النيابي المقبل هو الذي سينتخب رئيس الجمهورية المقبل، ولكن هل يُدرِك المعنيون أن الناخب الأهم هو الظروف التي ستكون سائدة بعد سبعة عشر شهراً؟

صحيح أن دور مجلس النواب هو دورٌ مهم، لكن ما يجري حولنا في المنطقة يجعل المتابعين يؤكدون أن تطورات المنطقة لها الأولوية على ما عداها، لا أحد من هؤلاء المتابعين يتحدَّث عن الانتخابات النيابية، فيما الجميع منشغلون بما ستؤول إليه الأوضاع في المنطقة، في ظل الغليان السائد سواء في العراق أو في سوريا وصولاً إلى مصر، ففي ظل هذه الأوضاع أيُّ عاقلٍ يمكن أن يتلهى الآن بمعزوفة الانتخابات النيابية في لبنان؟
عملية الإلهاء كبيرة:
من القانون الأرثوذكسي إلى مشروع الحكومة القائم على النسبية إلى قانون الدوحة الذي هو قانون الستين، فهل المواطن بكل معاناته وهمومه وصموده في وجه الوضع الاقتصادي ما زال مأخوذاً بهذه الإلهاءات؟
لو أن السياسيين يضعون في رأس أولوياتهم القضايا التي تهمّ الناس، بدل التلهي بمعزوفة مشاريع قوانين الانتخابات، لكان الناس نسوا هذا الاستحقاق لأنهم يعرفون في قرارة أنفسهم أن الانتخابات النيابية لن تحمل إليهم الفرج في أي من الملفات التي تشغلهم وتنهكهم. لكن الحكومة وبعض السياسيين يُلهون الناس بالانتخابات لأن لا شيء آخر يقدمونه لهم.

Email