من كمبنسكي جنيف إلى صنين زينة لبنان

ت + ت - الحجم الطبيعي

فخامة الرئيس ميشال سليمان والسيدة الاولى عقيلته لم يحجزا طائرة خاصة، ولم يستخدما طائرة خاصة لرئيس حكومة أو لوزير أو لنائب أو لرجل أعمال، بل استقلا طائرة عادية في رحلة عادية كانت متوجِّهة من بيروت إلى جنيف، لقضاء عطلة نهاية السنة فيها.

في تلك المدينة السويسرية الساحرة، جلسا في حديقة غراند أوتيل كمبنسكي يحتسيان الشاي، وفيما كان فخامة رئيس البلاد يراقب بحيرة ليمان ونافورة المياه الطالعة منها، عادت به الذاكرة ثلاثين سنة إلى الوراء فتذكَّر ان اللبنانيين اجتمعوا في هذه المدينة حول طاولة حوار في ما سُمِّي آنذاك مؤتمر جنيف الذي انتهى إلى فشل، فخاف على طاولة الحوار التي ستكون باكورة نشاطه حين العودة إلى بيروت، والموعد في الثامن من هذا الشهر. قرَّر قطع حبل الذكريات لئلا تُنغَّص العطلة، نزل إلى جادة مون بلان حيث يقع الفندق، تمشى قليلاً إستعداداً لحلول الليل حيث ستُقام الألعاب النارية الرائعة إيذاناً بانتهاء سنة وحلول سنة جديدة. وهذه الرواية أتت على لسان لبنانيين مقيمين في جنيف لم تسنح لهم الظروف في وطنهم للمجيء كما كثيرين في المغترب قرروا البقاء في اماكنهم حيث لا خطف ومطالبة للفدية ولا تسكير طروقات ولا سياسيين يضجون كل يوم بتصاريح بلا فائدة.

 عطلة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في النمسا كانت مغايرة ومختلفة، فرئيس الحكومة يبتعد عن الفنادق، حتى ولو كانت من فئة الخمسة نجوم، ليُقيم في منتجعات تُنسيه هموم طرابلس وانتخابات المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى وسلسلة الرتب والرواتب ومعاناته مع وزير الطاقة وقانون الإنتخابات النيابية الجديد.
شكراً لرئيس مجلس النواب نبيه بري الذي بقي مع المواطنين فصمد في عين التينة يرصد ردود الفعل والمواقف من الإجتماع المرتقب للجنة مشروع قانون الإنتخابات النيابية.

هذا على مستوى الرئاسات فماذا عن مستوى بعض الوزارات؟
وزير السياحة غاب عن السمع. لم يتفقَّد حركة المطار أو حركة الأسواق أو حركة الفنادق، كما فعل وزير الداخلية العميد مروان شربل في تفقُّده لحركة الطرقات والإجراءات المتخذة لتسهيل سهر اللبنانيين واحتفالاتهم. غاب وزير السياحة بعدما غابت كل توقعاته وأرقامه المليونية الخيالية التي وعد بها على مدى سنة، وليس أقلها 800 مليون دولار دخل السنة السياحية المنصرمة و365 يوماً سياحياً بإمتياز.
على غرار أرقام عبود الخيالية، شهد لبنان الكثير من هذه الارقام التي تنطبق عليها صفة الخيالية، مَن يتذكَّر مشروع صنين زينة لبنان؟

مناسبة الحديث عنه مرور عشرة أعوام على انطلاقته، فهو أولاً أكبر عملية لتملك الأجانب في لبنان، بدأ بسبعة ملايين متر مربع ووصل إلى ثلاثين مليوناً وهدفه كان مئة مليون متر. هذا المشروع العظيم دعمه الرئيس السابق اميل لحود فيما عارضه وزير المال آنذاك فؤاد السنيورة. أوهموا الناس بالمنتجعات والفنادق والفيلل الخاصة والحدائق والمسابح وملاعب لكرة القدم والمضرب ورياضة التزلج صعوداً من أوتسترادات من المطار إلى صنين مباشرة، ونيال من يشتري سهماً واحداً ليصبح مليونيراً عند بدء الحفر. انتهى الأمر إلى وهم رقمي أو وهم الأرقام. الشيء نفسه يتكرر مع وزير الصدفة والأرقام فادي عبود. وطارت صنين جنة لبنان إلى غير رجعة. أما صاحب الفكرة العظيمة السيد ر.أ.ر، لا ندري الى أين انتهى به الأمر؟
سؤال يُطرح فقط للعلم.

هكذا بدأت السنة، بين كمبنسكي جنيف ومنتجعات النمسا وعين التينة الصامدة وأرقام الوزير الخيالية، فإذا كانت هذه هي البداية فإن ال2013 إلى أين المصير مع الأوهام والخيال في وطننا؟ اللَّه يستر.


 
 

Email