بين غليان المنطقة والنظريات الجديدة للرئيس ميقاتي

ت + ت - الحجم الطبيعي

هذا الشهر هو ذكرى بدايات الربيع العربي:
من تونس إلى مصر إلى غيرها من البلدان، في الذكريات تشتعل الذاكرة بالمقارنات بين ما كان الوضع وما أصبح عليه.
صحيح أن تونس مهمة ولكنها ليست مركز استقطاب كمصر التي يبدو انها تشهد سلسلة من الإهتزازات الإرتدادية بعد ثورتها:
الإستفتاء مُحبِط للذين وصلوا إلى الحكم، ثلاثة وثلاثون في المئة فقط شاركوا في الإستفتاء، وستةٌ وخمسون في المئة فقط من هؤلاء أيَّدوا مسودة الدستور الذي وضعه الإخوان.
تعني هذه الارقام أن في مصر أزمة لكنها ليست الأزمة الوحيدة في العالم العربي، فعلى امتداده الغليان سيِّد الساحات، وبالرغم من النتيجة الهزيلة التي حصل عليها الدستور الجديد في مصر، فإن المعارضة أعلنت انها لن تعترف بالنتيجة وانها ستُنظِّم اعتباراً من اليوم إعتصامات للإحتجاج على التزوير.

الغليان في الشارع المصري توازيه حرارة في غير مكان:

الرئيس الإيراني في العراق لبحث التطورات السورية التي أصبحت أكثر فأكثر تحت المجهر الدولي والإقليمي.
في ذروة كل هذه التطورات، أين يقع لبنان؟
وما هي إنشغالات مسؤوليه وتحديداً رئيس حكومته؟
من الإكتشافات الحديثة لمواهب رئيس الحكومة انه أصبح خبيراً في شؤون كرة القدم وانه يحاول تطبيق هذه اللعبة في سياسته الداخلية!
ففي حديث صحافي، وتطبيقاً لمبدأ التشابه هذا، يقول الرئيس ميقاتي إن حكومته ربما لا تستطيع في هذه المرحلة الصعبة أن تسجل أهدافاً كبرى، إلا أنها نجحت في الحؤول دون تسجيل الكثير من الأهداف في مرمى لبنان، يؤازرها خط دفاع حريص على الإستقرار، يضم قوى أساسية في الداخل ولاعبين بارزين في المجتمع الدولي، لافتاً الإنتباه إلى أن الحكومة تمكنت من الحفاظ على حد أدنى من الإستقرار الداخلي في ظل حد أقصى من التوتر الإقليمي.
هذا الكلام بحاجةٍ إلى تدقيق منعاً لتسجيل نقاط في حق ذكاء اللبنانيين:
التدقيق الأول، هل يتلطَّف دولته ويُحدِّد النجاحات في الحؤول دون تسجيل الأهداف الكبرى في مرمى لبنان؟
هل في الحؤول دون اغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن؟
هل في الحؤول دون قطع طريق المطار أكثر من مرة وتدمير الموسم السياحي؟
هل في الحؤول دون الإضرابات المتتالية لهيئة التنسيق النقابية وشل البلد؟
ليس على الرئيس ميقاتي سوى التلطُّف وكشف النجاحات علَّه بذلك يُريح الناس المتشوِّقين إلى معرفة هذه النجاحات.ويتابع الرئيس نجيب ميقاتي إبداعاته السياسية فيقول ان الطبيعي والبديهي ألا تقدّم الأكثرية رأس الحكومة على طبق من ذهب إلى المعارضة، متسائلاً:
هل يعتقد فريق 14 آذار ان الأكثرية الحالية هي بابا نويل، توزع الهدايا السياسية؟
ولو انهم في السلطة هل كانوا ليقبلوا بالإستقالة المجانية؟
وأوضح ان الواقعية دفعته إلى اقتراح سلة متكاملة للحل، تجمع بين قانون الإنتخاب والحكومة الجديدة، مشيراً إلى انه من المعيب إجراء الإنتخابات النيابية وفق قانون الستين!
مهلاً يا دولة الرئيس، لا أحد يطلب منك أن تكون بابا نويل، ففي الأساس لديه ميزة ليست فيك ولا في حكومتك، وحين لا تعرف حقيقة الرمز فإنه لا يحق لك أن تتشبَّه به أو ترفض التشبه به.
وجديد الرئيس ميقاتي أيضاً ابتكار مصطلح جديد في السياسة هو الإستقالة المجانية، هذا يعني انه يريد ثمناً لإستقالته، لكنه لا يعرف أو لا يريد أن يعرف ان لا أحد يريد أن يدفع له ثمن هذه الإستقالة لأنها ستكون مجانية، وإن غداً لناظره قريب.

 
 

Email