الى وسام إلى وسام... الوطن

ت + ت - الحجم الطبيعي

"صديقي"، الله يحميك، "ويبعد عنك كل شر وضغينة"، انها البعض من العبارات التي كانوا اصدقاءه يخاطبونه بها على الهاتف، سواء أكان في بيروت أو في باريس أو في برلين.

"قلب طفل" و"عقلُ أمن".
كأنه لم يُفارق حياة الطفولة بعد، فهو إبن السبعة والاربعين عاماً، وهذا السن في عمر المسؤوليات يكاد ان يكون طفولياً، حتى لكأنه كان أصغر رئيس جهاز أمن في العالم وقد حقق انجازات بسرعة قياسية تعجز عن اللحاق بها كبريات أجهزة الاستخبارات في العالم.

قالوا في مكتبه صورة للرائد الشهيد وسام عيد الذي دفع حياته ثمناً لعبقريته في اكتشاف شبكات المتهمين في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وليس عن عبث موجودة هذه الصورة قرب مقاعد الجلوس والتي رفعت بعد استشهاده وكأنه يريد ان يقول لزائره: "وسام صنع مجد شعبة المعلومات وصنع مجد كشف المتهمين وسبق المحكمة الدولية". في المكتب أيضاً صورة "أشرف الناس" مدير عام قوى الامن الداخلي اللواء أشرف ريفي، الرجل الصديق الصدوق الذي إستحق عن جدارة اللقب الذي يخاطبه به الاصدقاء الكُثر.

وفي المكتب صورة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وكأن وسام الشهيد دائماً ما كان يريد ان يُفهِم زائره أن الرئيس الشهيد هو وفاءه الأكبر.

"رُقِّي بعد الاستشهاد الى رتبة لواء"، ما أصعب هذه الكلمة، وهل كان الاستشهاد ضرورياً ليُرقَّى؟ انها مشيئة الله تعالى.
وسام كان في عزِّ عطائه الأمني وفي ذروة صداقاته الانسانية، لم يكن الضمانة ومظلة الامن للسياسيين فحسب بل لكل اللبنانيين العاديين الذين وجدوا فيه من إطمئنان ما لم يجدوه في غيره.

نجحتم في إغتياله، نخاطبكم من دون ان نعرفكم، لكن ما نعرفه ان كل مخططات اغتيال البلد لم تنجح، فلماذا تنجح اليوم؟ نجحتُم في قتلِهِ ولكن ماذا بعد القتل؟ إغتلتم الرئيس الشهيد رفيق الحريري فماذا حققتُم؟ ألم تعد السيادة اسماً على مسمّى من دون ان تلتحق بالاسماء التي لم يكن هناك معنى لها؟

نجحتُم في تصفيتِهِ، وقد كنتم تترصدونه منذ لحظة خروجه من منزلِهِ في الاشرفية الذي يبعد مئات الامتار عن مكتبه، ولكن ماذا بعد التصفية؟ ألم تصفوا قبلَهُ رفيق الحريري ووليد عيدو وأنطوان غانم وسمير قصير وجبران التويني وجورج حاوي وبيار الجميل ووسام عيد وفرنسوا الحاج، وغيرهم كثيرون، فماذا كانت النتيجة؟ إزداد الشعب اللبناني الحرّ تحرراً.

نقول لكم من دون ان نعرفكم: ان روح وسام الحسن ستبقى تلاحقكم ولن تجدوا الأمان أينما كنتُم.

رحمك الله يا "وسام الطيبة وروح الشباب والقلب الكبير والعقل الوفيّ"، وألهم زوجتكَ انَّا وولداك الغاليان نعمة الصبر على وطن كلّف الكثير من أجل ان نحيا فيه بكرامة. 
 
 

Email