الكتابة كطريق لفهم الذات!

ت + ت - الحجم الطبيعي

تقول صديقتي التي تكتب مقالاً لافتاً أتابعه بحرص: إنني أكتب منذ سنوات طويلة، كنت خلالها أمارس الكتابة باعتبارها موهبة، وصاحب الموهبة يشعر باندفاع دائم للتعبير عنها، وهواية أحب التباهي بها، وهي قبل كل هذا وذاك عمل يوفر لي دخلاً ثابتاً أحتاجه بشكل ماس، حتى اكتشفت أن الكتابة علاج وطريق لمعرفة الذات.

ومنذ اكتشفت قدرة الكتابة على إخراجي من الكثير من الحالات النفسية والمرضية، وأنا أجتهد أن لا تكون كتاباتي صدى فارغاً للسائد أو لما يرضي أصحاب العمل، لقد وجدت أنه كلما كنت صادقة في التعبير عما أعرفه وعما يمثلني ويمثل قناعاتي، اقتربت وفهمت نفسي أكثر.

لقد نشرت العديد من المقالات والأعمال المترجمة، وكنت فيها جميعها لا أفكر في العالم ولا أحاول أن ألتفت لرأي أحد، كنت أرى نفسي وأكتب عن نفسي فقط، دون أن تعني لي شيئاً تلك المحاولات للربط بيني وبين نصوصي وكتبي، أو التفتيش فيها للبحث عني. إنني أقر بأن كل حرف كتبته كان يخصني ويخص تجاربي الخاصة، وتربية أبنائي ومعاناتي مع المرض وفشلي في الزواج، وكل معاناة وألم جاء في تلك الكتابة، هو في الحقيقة معاناتي وألمي.

تقول صديقتي، أو هكذا فهمت من عدة أسطر قليلة كتبتها على صفحتها في أحد مواقع التواصل: منذ اكتشفت هذه العلاقة الخاصة بالكتابة، وقدرتها على علاجي وتحريري من مأزق الكتابة كطريق لإرضاء الآخرين، وأنا غير مهتمة حقاً بأن أبقى كاتبة، وأرى اسمي مكتوباً على أغلفة الكتب، لقد أصبح هذا الهاجس المسيطر على معظم الكتاب في آخر اهتماماتي، لم يعد يشكل احتياجاً.

إن الرغبة التي تتملكني الآن أن يعرف الناس الذين يقرؤون ويجربوا ويحسوا بقوة الكتابة، وأهميتها، في أن نعرف أنفسنا أكثر، ونفهم أسباب وجودنا في هذه الحياة، ونطرح أسئلتنا المؤرقة أمام كل ما يستعصي علينا ويخبرنا ويربكنا ويخيفنا، من ثم نذهب مع هذه الكتابة حتى آخر الشوط لنكتشف الإجابات الحقيقية أياً ما كانت على تلك الأسئلة الصعبة!.

Email