امنعوهم ليعتبروا

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الكلام المسترسل يقال إنك لا تعرف معادن الناس أو حقيقتهم إلا في أوقات المحن والأزمات، ففي أيام الرخاء لا يظهر أحد احتياجه للآخرين، الكل مكتفٍ بما لديه؛ لأن الوفرة تحمي من الحاجة، كما أن الرخاء يجعل الناس راضين ومستبشرين غالباً، حيث لا شيء يثير الاستياء أو التململ، أما في أوقات الشدة، فتتبدى حاجة الناس الملحة للمساعدة، والتكاتف، كما يكون مطلوباً من الجميع غض الطرف عن القصور والنواقص، فالوقت ليس وقت شكوى وتبرم، هناك أولويات حتى يعبر الجميع النفق بأقل الخسائر!

هذا ما نتعلمه في بيوتنا وأسرنا وفي حياتنا اليومية، كما نتعلم أن صاحب المعدن الأصيل والأخلاق العالية وحده من يتناسى الخصومة ويؤجل الخلافات ويتذكر حاجة الناس، ويقيم وزناً للأيدي التي امتدّت له وقت الرخاء، فيبادر لرد المعروف قدر استطاعته، ولا يشمت ولا يسخر ولا يحول المواقف ضد غيره لمصلحته الضيقة، هذه مبادئ نتعلمها منذ الصغر، كما نتعلم أن المعروف في غير أهله حماقة قصوى!

مجموعة من مشاهير السوشال ميديا أظهروا سوء أدب حقيقياً في التعامل مع حدث الأعاصير، الذي تعرضت له الإمارات مؤخراً، وما نجم عنها من أعطال وأضرار وتوقف لبعض المرافق والخدمات، وهو أمر يحدث لأكبر وأعظم الدول والمجتمعات، إنها من الأمور الطبيعية التي لا قدرة للبشر على منعها، لكن تظهر كفاءة الدول لاحقاً في معالجة أضرارها الناتجة بأسرع وأفضل الطرق، وهنا ظهرت كفاءة الإدارات والأجهزة العاملة في الإمارات وظهرت جاهزيتها الفائقة، ما جعلنا نتجاوز الكارثة بسلاسة ولله الحمد.

بلا شك فإن علينا أن نحاذر من الاندفاع في تبني وتشجيع ومساندة أي مشهور وأي شخص يأتينا لامعاً بشهرته وصوته العالي، ولنشجع أبناءنا، ولندعم شبابنا، لنقف خلفهم ونعطيهم، فهؤلاء هم سند الوطن، وهم من سيكونون معه ويدفعون أرواحهم لأجله، وليسوا أولئك المستعدين لتحويل أي مصيبة لمشاهد يتاجرون بها ويجمعون بها مزيداً من الإعجابات والمتابعين! أما حظرهم ومنعهم وإدراجهم في قوائم سوداء فواجب وليس قمعاً ولا تعدياً على حرية الرأي، لكنه تأديب لكل من لم يعرف كيف يتأدب مع دولة الخير والعطاء؛ الإمارات! فامنعوهم لا بارك الله فيهم!

Email