جمعيات النفع العام .. إلى أين ؟ 1 ــ 2

ت + ت - الحجم الطبيعي

مع نهاية سنوات الثمانينيات شُغل العديد من المثقفين الإماراتيين بالكثير من الأسئلة التي كانت في وقتها ملحة ولها مبرراتها، أولاً لجهة الدور المتوقع أن يلعبه المثقف في مجتمعه، وثانياً كون تلك الأسئلة تعبيراً طبيعياً عن وعيه واهتمامه بما كان قائماً من أحداث وظواهر تحدث لأول مرة في المجتمع.

وكانت الثقافة هي الميدان الأرحب والأقرب الذي شهد حضوراً واهتماماً كثيفاً من جانب مثقفي الإمارات في تلك السنوات، خاصة أن معظمهم ينتمون للجيل الذي أكمل دراساته الجامعية والعليا في عواصم الثقافة الكبرى كالقاهرة وبيروت وبغداد وحتى الكويت، هذه المدن التي شهدت صعود التيارات الفكرية الكبرى، إضافة لسطوع نجوم الفكر والصحافة والأدب والثقافة العربية في تلك العواصم، وقد جاء عدد منهم للعمل في صحافة الإمارات مما أسهم في احتكاك الشباب الإماراتيين بهم.

كثير من تلك الأسئلة لا تزال تنتظر إجاباتها، ولذلك فليس غريباً أن يظل صدى تلك الأسئلة يتردد في الأروقة حتى اليوم، ولعل أهم تلك الأسئلة ما يتعلق بعزوف الجمهور والشباب الإماراتي عن المؤسسات والجمعيات والأنشطة الثقافية؟ يتضح ذلك في محدودية التواجد والمساهمة والحضور والتفاعل؟

لقد حاول عدد من المثقفين التصدي للإجابة، ثم مضت الأيام، وتبدلت الأدوات والأساليب وأشكال الرسائل ومواصفات صناع المحتوى، ما يعني أن الأسئلة قد تغيرت هي الأخرى بالضرورة!

ومع يقيننا بأن الثقافة مجال نخبوي لا يحظى بتهافت الجماهير كالسينما والغناء، إلا أن هناك إشكالاً واضحاً وأزمة حقيقية بين الجمهور وعوالم الثقافة وأهلها، لذلك بقيت الأسئلة مقنعة، وبرزت أسئلة أخرى كانت الأسئلة الجديدة أكثر جرأة، وكانت حول ضرورة الحوار الوطني حول أكثر قضايا الثقافة إلحاحاً؟

وبقليل من البحث والحيادية سيتضح لكل مهتم أن هذه الأسئلة لم تكن مجرد أسئلة عابرة تبحث عن إجابات تسد الفراغ، بل كانت تعبيراً طبيعياً عن أزمات أفرزتها مفاعيل التغيير والتحولات التي سادت الإمارات نتيجة المشروع التنموي الهائل الذي تبنته الدولة والذي أثمر هذا الازدهار غير المسبوق والذي نعيش ثماره اليوم، ويشهد عليه القاصي والداني.

Email