السر دائماً في التفاصيل!

ت + ت - الحجم الطبيعي

تقول كلمات الأغنية التي يتغنى فيها حسين الجسمي بمظاهر رمضان في مصر «رمضان في مصر حاجة تانية والسر في التفاصيل» اختصر الجسمي كل الحكاية، ففي كل شيء، وفي كل أمر نعيشه أو نمر به تكون التفاصيل هي العلامة الفارقة أو البصمة التي لا تنسى، لذلك فحين تغنى الجسمي باختلاف رمضان في مصر عن غيرها من الدول لم يصف الاختلاف بالأفضل أو الأفخم أو الأقوى، لم يعط لتلك المظاهر والطقوس صفة التفضيل أو الانحياز العاطفي بلا سبب، ولكنه تحدث عن التفاصيل التي تصنع الفارق دائماً.

كل البلاد الإسلامية تصوم رمضان، وتحتفي به على طريقتها، ووفق تاريخ ثقافي ممتد من الطقوس والعبادات والقربات ومظاهر الفرح وأنواع الأطعمة والحلويات ورتم الحياة المختلف، وكل المجتمعات تعيش الأعياد وتحتفل بها، في الشرق كما في الغرب، إلا أن لكل بلاد طريقتها ومظاهرها التي قد تجعلها محط أنظار العالم، والخلاصة أننا جميعاً نحتفل ونفرح ونحتفي بالحياة إلا أن لكل منا طريقته الخاصة في إظهار تفاصيل ذلك الاحتفاء التي تجعل الحياة وتجعلنا مختلفين.

يحيلنا المعنى إلى واحدة من أشهر الافتتاحيات في الروايات العالمية، تلك الافتتاحية الشهيرة التي كتبها تولستوي لروايته «أنّا كارنينا»، والتي يقول فيها: «كل العائلات السعيدة تتشابه، لكن لكل عائلة تعيسة طريقتها الخاصة في التعاسة»، لذلك كانت نهاية بطلة الرواية مختلفة وصادمة وربما غير متوقعة، نهاية (غير) ذلك لأن تفاصيل الحياة التي عاشتها وإن بدت للبعض سعيدة أو عابثة، إلا أن تفاصيل تلك السعادة المتوهمة أو ذلك العبث كانت مختلفة!

إن ما يجعلنا نحب بعض الأشخاص، ويقع اختيارنا على بعضهم كأصدقاء مقربين، ونثق في البعض تحديداً، ونقترب من أناس وننفر من أناس آخرين، هي تلك التفاصيل الصغيرة غير المرئية، التي لا نراها إلا نحن، لأننا منذ البدء كنا نبحث عن تلك الفروقات التي تميز هؤلاء عن غيرهم، كنا نبحث عن التفاصيل التي تجعلنا حين نسأل لماذا هذا بالذات؟ فنقول لأنه (غير) لأنه مختلف!

Email