الحشاشين !

ت + ت - الحجم الطبيعي

منذ اليوم الأول في الشهر الكريم برزت على السطح وفي مواقع التواصل الاجتماعي تحديداً حالة من الجدل حول بعض المسلسلات الرمضانية، التي تعرض على عشرات القنوات الفضائية العربية: الخاصة والحكومية، وبين عشرات الأعمال يحظى مسلسل «الحشاشين» بنصيب وافر من الاهتمام.

يقوم ببطولة المسلسل المصري كريم عبدالعزيز، وتدور أحداثه في إطار تاريخي ملتبس جداً، ففي القرن الحادي عشر الميلادي الفترة التي ظهرت فيها طائفة الحشاشين، واشتهرت بواسطة زعيمها الحسن بن الصباح، الذي قدم من فارس، وأسس هذه الفرقة، واتخذ من قلعة آلموت مقراً له، وبدأ في مشروعه الدموي لهز أركان الدولة وأمنها.

عمل بذهنية الرجل صاحب المهمة المقدسة من وجهة نظره، مازجاً في ذلك بين الخدع النفسية والترغيب والترهيب، واستخدام العنف المفرط، وبواسطة فرقته تلك تمكن من ترويع العالم الإسلامي، ونفذ عمليات اغتيالات دموية لشخصيات سياسية مرموقة، أشهرهم وزير السلاجقة نظام الملك وحاكم بيت المقدس!

تاريخياً، فإن تلك الفترة شهدت تهاوي ملك الدولة العباسية، وظهور الكثير من الدويلات التي نازعتها السلطة، كالسلاجقة والأيوبيين وإمارة آل زنكي، كما شهدت اجتياح المغول للعالم الإسلامي، وقضاءهم على حكم العباسيين، وعلى طائفة الحشاشين فيما بعد، بعد أن هاجمهم هولاكو، واستولى على قلعة آلموت وسائر قلاعهم الأخرى، ثم جاء الظاهر بيبرس فأنهى وجودهم نهائياً!

هذه هي حكاية الحشاشين أو الاغتياليين أتباع الحسن ابن الصباح، أما الجدل الدائر حول المسلسل فيتناول المغالطات والأخطاء التاريخية الكثيرة، التي سقط فيها صناع العمل، وكأي عمل تاريخي فإن هذه الجدلية لن تنتهي: هل تقدم الدراما تاريخاً حقيقياً بأدوات السينما والتلفزيون أم تقدم عملاً درامياً تستخدم فيه التاريخ بإسقاطه على الواقع المعاصر، وصولاً لرسالة أخطر وأبعد من الحدث التاريخي نفسه؟

وأما الإشكالية الأخرى فهي استخدام العمل للهجة المصرية، وهنا فنحن أمام جدل قديم يتجدد حول توظيف اللهجة المحلية وأيهما أنسب وأكثر تأثيراً المحلية أم الفصحى؟

المهم في كل ذاك حالة الجدل والنقاش الدائر، فهذا العالم يفتقد لتبادل الرأي بشكل مروع فعلاً، يشبه تماماً ذلك العصر، الذي ساد فيه القتل، واختفى صوت العقل والحوار!

Email