لا تهرب ولا تتجاهل!

ت + ت - الحجم الطبيعي

يقول الروائي الكويتي (سعود السنعوسي): «حتى تتمكن من تحويل تلك الأشياء التي تخشاها أو تكرهها أو تجهلها إلى أشياء محببة إلى نفسك، عليك أن تتوغل في أدق تفاصيلها، فإنك حتماً ستعثر على ما تحب في قلب ما تكره»، بدت لي هذه العبارة غريبة، أو غير مفهومة عندما قرأتها لأول مرة، فقد اعتدت أن أتجنب الأشياء التي أكرهها، ولا أفكر في التفاصيل التي قد أعثر من خلالها على ما يمكن أن يغير وجهة نظري! لذلك كان التحاشي بالنسبة لي هو الحل الآمن!

لقد جعلتني عبارة السنعوسي أراجع هذا السلوك كي أعرف لماذا اخترته كطريقة للتعامل مع المواقف، في الوقت الذي لا يحل مشكلة ولا يوصل لهدف محدد أو موقف واضح، بقدر ما يدفن المشكلة تحت جلد الوقت، فنظن أننا تخلصنا منها لأننا لم نعد نراها، بينما هي تتفاعل تحت الجلد، وربما قادت إلى أمور غير متوقعة!

الأشياء ليست دائماً كما تبدو، ونحن من يقرر كيف ننظر إليها وأين نضعها، نحن بما يتغلب فينا من غضب وعدم اعتراف بالخطأ، وبما فينا من أنانية ومجموعة عقد وعناد وكبر ووو.. أو العكس، ذلك أن الوعي والنضج والبصيرة يمكنها أن تقودنا لمخارج أخرى تماماً، فننظر للمواقف بطريقة مغايرة، لكن البصيرة لا تتوفر للإنسان بسهولة، أو هي لا تتوفر للجميع بذات المستوى، لذلك يتخبط كثيرون ويفشل آخرون، ولا يستقر غيرهم في خياراتهم التعليمية أو الوظيفية وحتى الاجتماعية والعاطفية!

لذلك يقضي الناس وقتاً طويلاً كي يعثروا على أكثر الخيارات مقبولية ومعقولية بالنسبة لهم.

إن طبيعة الإنسان أن يفكر في مصلحته، وبما يسعده، لكنه قد يجد نفسه وكأنه اختار الأسوأ أحياناً، رغم التفكير والتدقيق وسياسة المفاضلات؟ لأن البعض إذا عثر على ما كان يبحث عنه، أخذ في التعمق في تفاصيله بحثاً عن العيوب والثغرات، فإذا وجدها خاب أمله وترك ما بين يديه ليبدأ رحلة بحث جديدة سعياً للأفضل الذي لن يعثر عليه، أو لن يوجد يوماً إذا لزم هذا الطريق!

Email