إنجازات لا تموت

ت + ت - الحجم الطبيعي

صحيح أن الكاتب وهو يمارس فن البقاء والحياة عبر استمراره في الكتابة، ولسنوات تطول أحياناً حتى لا يعود ينتبه لمضي الزمن وللتحولات، التي ترافق جريانه السريع والجارف، إلا أن صوت التغيير يصبح قوياً يوماً بعد يوم، ويصير من الصعب تجنبه أو حتى تجاهله، فيقف الكاتب كما يقف الجميع في لحظة ما تلك الوقفة، التي ينظرون فيها إلى أنفسهم، وما يقومون به في مرآة الأيام..

هناك زمن طويل عَبَرَ، وعشب كثير نبت في المسافة بين اليوم وبين ذلك اليوم البعيد، الذي بدأت فيه الكتابة منذ أكثر من 25 عاماً، والحق أنني لم أقف لأسأل نفسي هذا السؤال رغم أنه أحد أكثر ما أثير في مجال النقد الأدبي وما أثاره فلاسفة الأدب، والمتعلق بنهاية السرديات الكبرى التي بقيت لقرون ربما ثابتة لا يطالها التجريف أو التغيير، حتى ظهر فلاسفة أمثال نيتشه ورولان بارت طرحوا عن نظريات كانت محل جدل موت المؤلف وموت الناقد وموت الكتاب الورقي وموت المقال الصحفي!

سئلت في أحد اللقاءات فيما إذا كنت أظن أن المقال الصحفي لا يزال محط اهتمام القراء كما في السابق، وفيما إذا كان هناك قراء لا يزالون يشترون الصحف ويقرأونها كل صباح؟ هي أسئلة نرددها جميعنا، لكننا لا ننتبه أنها موجهة لجذر حياتنا اليومية، التي ربما نعايش تحولاتها دون أن نتوقف لنراقب حجم ما أصابها، وما أصابنا من تغيير بسبب ذلك.

إن هناك إجابات منطقية عن الكثير من الأسئلة علمتنا إياها الجامعة والإعلام والكتب، حول علاقة الناس بالتفاصيل التي اعتادوها في كل مكان، لكن هل هي إجابات دقيقة وواقعية فعلاً؟ هل لا يزال الناس يقرأون ما نكتب كل صباح؟ وهل مات المقال كما قال مضيفي في اللقاء؟ أصبحت أكرر هذا السؤال كهاجس! راجية أن لا تكون تلك إجابة وليس مجرد سؤال! لكنني مع كل ما أشهده متأكدة من أن البشرية لم تقتل، ولم تتخلص من أي اختراع أو تطور غير حياتها، وشكل تحولاً في مسيرتها، وخاصة إذا كان بمستوى الورق والصحافة.

 

Email