لماذا لا يتعاطفون معنا؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

سألني مراهق في عمر الـ 18 حول حقيقة التعاطف الغربي مع القضايا الإنسانية، وفيما إذا كان هذا التعاطف حقيقياً أم مجرد نفاق ومصالح؟ لقد فاجأني سؤاله على أكثر من مستوى، وجاء بعد أن شاهد فيلماً إنجليزياً بعنوان حياة واحدة «وهو أحدث ما قدمه الممثل الأسطورة أنتوني هوبكنز العام الماضي»، يتحدث عن ناشط إنجليزي في مجال الإغاثة الإنسانية، كان له دور بارز فترة الصعود المدوي للزعيم الناري ادولف هتلر في أوروبا وتوسعه في عدة بلدان أوروبية، وتحديداً في العام 1938 قبيل الحرب العالمية الثانية.

الفيلم يركز على أمرين لافتين: فني يتمثل في الأداء المذهل والمؤثر لأنتوني هوبكنز، والثاني هو الإلحاح على إبراز حجم المآسي، التي تعرض لها اليهود في تلك السنوات بسبب النازية، وذلك لمضاعفة الشعور بالندم، وتأنيب الضمير العالمي لتحقيق أكبر قدر من التعاطف مع ضحايا الإبادة النازية قديماً، ومعهم اليوم في الحرب الدائرة.

حاولت إكمال الفيلم، لكنني ولأسباب تتعلق بما يجري في غزة وما رأيناه في مواقف الغرب من المآسي، التي ارتكبت ولا تزال ترتكب، وجدتني غير قادرة على إكماله أو الإعجاب بأداء هوبكنز في الفيلم، الذي يلعب دور رجل عجوز إنجليزي يعمل في البورصة، كان له نشاط بارز في الماضي، لكنه اليوم أسير قصص ذلك الماضي وشعوره بتأنيب الضمير لتقصيره في إنقاذ الكثير من الأطفال، في إشارة واضحة لا تحتاج لكثير من الشرح!

لقد أعادني سؤال الشاب إلى فكرة التعاطف الإنساني، والتضحية لأجل إنقاذ المظلومين من الطغيان والإبادة، التي لطالما رفعها الغرب كواحدة من أسس الحضارة الغربية القائمة على تقديس حقوق الإنسان، ومناهضة كافة أشكال الطغيان والاستبداد والديكتاتوريات أينما كانت، إلا أن هذه الفكرة قد أصابها ما أصابها من عطب وتآكل، فانكسرت تحت وقع أحداث غزة، حيث ظهر جلياً أن ما يظهره الغرب من تعاطف تجاه بعض القضايا ليس أكثر من نفاق سياسي، وكيل بمكيالين لصالح أطراف تمسك اليوم بالقرار السياسي والاقتصادي العالمي، أما الضعفاء فعلاً والذين لا مصلحة ترتجى منهم فلا حظ لهم من التعاطف!

Email