أبجديات

عالم من الكذب! 1 ـــ 2

ت + ت - الحجم الطبيعي

وكأن العالم كله بكل ما فيه ومن فيه، بتاريخه وأخباره وخيراته وإنجازاته وحضارته وثقافته وحروبه وكوارثه ومدنه وبشره... إلخ، كله صار متواجداً وموجوداً على شبكة الإنترنت ومواقع التواصل، وكل ما لا يوجد على هذه الشبكة أو في هذا الفضاء يعتبر غير موجود أو كأنه لم يوجد ذات يوم، الإنترنت هو ما يعطيك شهادة حضورك في الحياة، وهو ما يجيز لك المرور بين مفاصل الأحداث، هو ما يعترف بك باعتبارك كائناً أو حدثاً قائماً ومساعداً، وله قيمته بالفعل.. هكذا أصبح الحال!

فهل كل ما نقرأه ونتابعه ونراه ونسمعه صحيح؟ حقيقي، يستحق الالتفات والمتابعة والاهتمام؟ ليس بالضرورة! ولكن يكفي أنه تمكن من التنافس والتدافع مع ملايين الأشخاص والأحداث، وحجز له مكاناً في مجرة الفضاء الإلكتروني! فهل علينا أن نقلق أو نخاف إذا لم نجد أنفسنا هناك؟ ذلك خيار كل واحد منا، ولا ننسى أن هناك من يحرك العالم وهو يقبع في ظل الكوكب، يملك نصف ثروات العالم دون أن يعرف إلا عدد محدود جداً ملامحه أو حتى اسمه، فهناك ما يسمى رجال الظل، وحكومات الظل، ومحركو الأحداث من منطقة الظل، لكن الظل لم يخلق للجميع أيضاً!

على شبكة الإنترنت الكثير من الكذب والتزييف والمزيفون والمزيفون (بكسر الياء) الذين يزيفون كل شيء، ويكذبون بكل بساطة ليظهروا على كتف هذا الكذب، من يزيف الأخبار، من يخترع الإثارة، من يفبرك الصور، من يلفق الأحداث، ومن يكتب قصصاً لم تحدث لحياة أشخاص يعيشون أو عاشوا بيننا، لكنهم لا علاقة لهم بما يكتب عنهم، الكذب سيد الموقف في الكثير من صفحات وحسابات السوشال ميديا! فالمصداقية والدقة لم تعد ذات قيمة، القيمة للانتشار وصناعة فقاعة المتابعين والشهرة الزائفة!

هل تقرأون يومياً تلك الأقوال والاقتباسات التي تنسب للعظماء والأدباء والفلاسفة، لنزار قباني وشوبنهاور وسيدنا علي بن أبي طالب وابن خلدون ونجيب محفوظ وهارون الرشيد وجلال الرومي وديستويفسكي... وغيرهم؟ بلا أدنى شك تقرأون ذلك يومياً، فهل تصدقون ذلك؟ وأن تلك الأقوال والاقتباسات لهؤلاء فعلاً؟ نكمل غداً!

 

Email