فلسفة البسطاء

ت + ت - الحجم الطبيعي

نعلم جميعاً أن ما يسمى بالأقوال المأثورة التي تتوارثها المجتمعات وترددها في لحظات معينة جيلاً بعد جيل، أو تلك الجمل التي يطلقها البعض ممن يتمتعون بتجارب حياتية عميقة وحكمة ووعي كبيرين، والعبارات التي جاءتنا عبر كتب التاريخ والتراث والأدب وقصائد الشعراء، إما على شكل نصائح أو مواعظ تقال لرفع معنويات شخص ما، أو تثبيته في لحظة ضعف، أو تذكيره في لحظات يفقد فيها إيمانه بالناس وثقته بالصداقة والخير.. الخ.

إن هذه الأقوال لم تصلنا من مصدر واحد، ولم تقتصر على كبار العلماء والشعراء والفلاسفة، فقد تقولها جدتي البسيطة، أو جارتنا التي لم تذهب للمدرسة يوماً، وقد تأتي على لسان ممثل، أو ممثلة تقوم بدور في فيلم أو مسلسل، إن عمق هذه العبارات التي تدل على كتّاب سيناريو عظام ترقى لأن تكون أقوالاً مأثورة فعلاً !

شاهدت منذ أيام، فيلماً قديماً يعتبر واحداً من أجمل ما قدمه الراحلان أحمد زكي وسناء جميل، وهو فيلم (اضحك الصورة تطلع حلوة)، وعنوان الفيلم هو العبارة التي كان يكررها المصور (سيد) لمن يلتقط لهم صوراً، وفي أحد المشاهد التي جمعته (أحمد زكي) بوالدته في الفيلم (سناء جميل)، قالت له: (مافيش حد مشغول يعمل مشاكل يا سيد.. المشاكل كلها تيجي من الناس الفاضية اللي ما عندها حاجة شغلاها..)، وبالفعل، فلا أحد ينشغل بتدبير المشكلات والتخطيط لإيذاء الآخرين والتفرغ للتجسس على حياتهم، إلا إذا كان فارغاً وخالياً: خالياً من العقل والأخلاق، وبالتأكيد من العمل! لأن (الفاضي يعمل قاضي)، على حد تعبير الإخوة المصريين! وما أكثر الفارغين المنشغلين عن أمورهم بتتبع أحوال الناس والتلصص عليهم!

وهي العبارة نفسها التي وردت على لسان عبدالرحمن أبو زهرة، الذي قام بدور الحاج إبراهيم سردينة في المسلسل الشهير (لن أعيش في جلباب أبي)، عندما قال: «إوعى تخاف من حد شاطر؛ مافيش شاطر مؤذي، متخافش إلاّ من الفاشلين، ثقة الشاطر في نفسه تخليه ميفكرش في الأذى أبداً».

فلا أحد يمكنه أن يؤذي غيره ويتآمر عليهم من وراء ظهورهم سوى الشخص الفاشل، أما الناجح فمنشغل عنك بما هو أهم !

 

Email