معنى أن تعيش طويلاً!

ت + ت - الحجم الطبيعي

هل تبحث عن فيلسوف لا يزال على قيد الحياة ويعيش بيننا؟ إن كنت تحب أن تقرأ لفلاسفة لا يزالون يتحركون بين الناس ويشاركونهم حياتهم ومناسباتهم، بل ويجلسون في نهاية اليوم أمام جهاز الكمبيوتر للرد على أسئلة واستفسارات الناس، فلا شك أن فرنسا هي البلاد الأكثر ملاءمة لبحثك، إنها (اتفقنا أو اختلفنا مع سياستها وسياسييها) ما تزال تنتج الفلاسفة حتى هذه اللحظة.

إدغار موران هو أحد الفلاسفة الفرنسيين الذين قرأت حول أفكارهم مؤخراً، وهو من مواليد باريس عام 1921، ما يعني أنه أكمل ما يزيد على القرن، ومع ذلك فهو لا يزال يكتب ويجري حوارات ويطالع بريده الإلكتروني، وهي ممارسات تبدو صعبة وغير قابلة للتصديق، لكن الأبحاث التي أجريت حول العالم عن فن العيش الطويل، قدمت نماذج لمناطق يعيش سكانها حياة طويلة وصحية لما بعد عمر الـ 100 عام، كسكان جزر أوكيناوا اليابانية.

في عيد ميلاده الـ 100 نشر موران كتاباً بعنوان «دروس قرن من الحياة» العام الماضي، تحدث فيه عن فن العيش، حيث يقول «امنح الحياة لأيامك بدلاً من أن تمنح أياماً لحياتك».

فأن يعيش الإنسان يعني أن يكون قادراً على التمتّع بالإمكانات التي توفّرها له الحياة؛ لكنّ هذه القدرة على التمتع ليست مطلقة؛ بسبب أنّ كلّ فرد يعيش وسط مجموعات تقيّده بالتزامات نابعة من الأعراف والقوانين و.. التي قد تقود إلى تضاد وصراعات بينه وبين المجتمع الذي يقيد الفرد.

يقول إدغار موران إن الذكاء البشري والكياسة الأخلاقية كفيلان بتفكيك التضاد والتعارض بين تطلعات الفرد والتزامات المجتمع، لأن تطلّع الإنسان إلى تحقيق أمانيه الفردية مع ارتباطه في الوقت نفسه بحياته الاجتماعية في وضع آمن، ينطوي على العديد من الأزمات، وقد يقود لخلق مشكلات، لكنه يظلّ تطلعاً إنسانياً مشروعاً، فماذا نفعل وكيف نحافظ على حياتنا إنْ لم نحافظ على فنّ العيش بدأب واستمرار؟

لقد سأل أحد الباحثين إحدى المعمرات في جزيرة أوكيناوا اليابانية عن سر حياتها الطويلة وتمتعها بالصحة والذاكرة فقالت له: «لا تغضب ولا تحزن ولا تفكر فيما لا تملك له حلاً»!

 

Email