الصدف العمياء المهمة!

ت + ت - الحجم الطبيعي

في كتابها الجميل والمؤثر جداً، والمعنون بـ(في أثر عنايات الزيات) الذي نالت به جائزة الشيخ زايد للكتاب فئة الأدب عام 2021 تقول الكاتبة والمترجمة المصرية (إيمان مرسال) «أحياناً يهز كيانك عمل أدبي ما، ولا يعني ذلك أنه عمل غير مسبوق في تاريخ الأدب، أو أنه أفضل ما قرأت في حياتك، إنها الصدف العمياء التي تبعث لك رسالة تساعدك على فهم ما تمر به، في اللحظة التي تحتاجها تماماً...».

كانت إيمان تقصد الصدفة التي جعلتها تعثر على رواية عنايات الزيات وتقرأها وتتأثر بها فتقرر أن تتبع أثر هذه المرأة التي أحست من خلال سيرتها وأحداث حياتها وطبيعة شخصيتها أنها قد أمسكت بطرف الخيط الذي كانت في أمس الحاجة لأن تعثر عليه وتقبض على طرفه وتواصل تتبع بداياته لتفهم ما كان يعصف بحياتها من تغيرات وأفكار ورغبات وتحولات.

يمكن لنوعية معينة من الكتب أن تساعدنا على فهم أنفسنا بسبب ذلك الضوء الساطع الذي يمسك به الكاتب ليضيء لنا بكلماته وتجاربه وفهمه طرقات كثيرة في دهاليز النفس الإنسانية، تلك الدهاليز المعتمة أو الخفية التي لم يكن باستطاعتنا أن نفهمها دون تلك المساعدة أو ذلك الضوء الذي يشير إلى الطريق الصحيح.

وهناك أشخاص يقومون بهذا الدور في حياتنا، وفي حياة أسرهم وأصدقائهم ومجتمعاتهم، هؤلاء الذين يطلق عليهم المجددون أو المغيرون أو الكشافون الذين لديهم تلك البصيرة وذلك التأثير القادر على إحداث الوعي الذي يدفع الآخرين لاكتشاف أنفسهم والعثور على الإجابات الضائعة منذ زمن، إن لقاء مثل هؤلاء الناس وفي الوقت الصحيح أو المناسب لهو واحدة من أكثر الصدف التي نظل ممتنين لها طوال حياتنا! وأظن أن في حياة معظمنا واحداً من أمثال هؤلاء الناس، لكن قد لا ننصت لهم أحياناً!

هؤلاء الأشخاص يمكن أن يغيروا حياتنا تماماً في لحظة فارقة دون أن نخطط لذلك، وقد يفتحون لنا نوافذ في الحياة لنطل عليها ونراها بعين أخرى، ما كنا لنراها ونعرفها لو لم يكونوا هم في حياتنا، إنهم لا يقصدون ذلك من قبيل الدور، لكنهم يأتون إلى حياتنا كصدفة مقدرة لطالما حلمنا بها!

Email