البقاء على قيد الإبداع!

ت + ت - الحجم الطبيعي

يقول الكاتب المصري المعروف إبراهيم عبدالمجيد صاحب ثلاثية الإسكندرية الشهيرة في ندوة بمناسبة إطلاق آخر رواياته (قاهرة اليوم الضائع)، إن الوسط الثقافي يموج بالخلافات والمعارك، وإنه ككاتب مصري له علاقاته وحياته وحركته في هذا الفضاء الثقافي الكبير الذي تتحرك فيه جموع الكتاب والأدباء والمثقفين المصريين، لذلك فهو يخرج كل يوم لينضم لأصدقائه وجلسائه في مقاهٍ مختلفة اعتاد التردد عليها كغيره من كتاب وأدباء عصره، فإذا جلس سمع الكثير مما يقوله ويفضي به أمامه العديد من هؤلاء، لكنه إذا عاد إلى منزله في آخر المساء، ووقف يستحم تحت الماء، جعل كل ما سمعه ينساب منهمراً مع الماء ومتلاشياً في ثقوب المجاري إلى غير رجعة، كان يفعل ذلك بوعي شديد لأنه كان يريد أن ينسى تماماً كل ما سمع!

وليتخلص تماماً من كل ما سمعه، كان يستمع إلى الموسيقى ثم ينام مباشرة ناسياً كل ما سمعه، أما لو بقي محتفظاً بكل ما سمع، ولو تأثر به فإنه ما كان وصل لما هو عليه الآن، ولما أنتج كل هذا المشروع الأدبي الضخم المتأسس على عدد ضخم من الروايات والمسرحيات والنصوص النثرية.

إن البقاء صامداً في عالم الكتابة، وهو في هذا العمر (77 عاماً) لهو إنجاز حقيقي فالكاتب إبراهيم عبدالمجيد من مواليد 2 ديسمبر 1946، وكنا نحضر له أمسية حافلة بمعجبيه الذين حضروا حفل توقيع روايته الأخيرة التي أصدرها مؤخراً تحت عنوان (قاهرة اليوم الضائع)!

كثيرون وليس الكتاب أو أصحاب المشاريع فقط من يفشلون في دفع أنفسهم للأمام لتحقيق ما يخططون له، مع أنهم يفعلون الكثير، والسبب هو تأثرهم بما يقال وما يحاك، وبسبب تصديقهم لماورائيات لا تقدم ولا تؤخر إلا بقدر ما ننفخ فيها من روح لنحولها من أشباح ميتة إلى كائنات خرافية نحن أول ضحاياها، فننسى أحلامنا ونظل نعلق إخفاقاتنا على ما فعله فلان بنا وما دبره وما حاكه، وعلى الناس والمؤامرات والحظ التعس، وهكذا نكمل حياتنا متعثرين بأحلامنا التي لم نحققها ولن ننساها في الوقت نفسه!

 

Email