أن تأتي متأخراً!

ت + ت - الحجم الطبيعي

يقال إن الإنجليز هم أصحاب المثل القائل «أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً»، وبعيداً عن المالك الحصري للمثل فهو أحد أكثر الأقوال المختلف عليها، حيث ينظر الناس إلى معنى ورمزية التأخير في الحياة بشكل عام من زوايا مختلفة ومتعارضة أحياناً، فإذا قلت لأحدهم وقد تأخرت عليه أكثر مما ينبغي «المهم أنني أتيت فذلك أفضل من أن لا أصل أبداً»، قد يباغتك بقول لم تكن تتوقعه: لو لم تأتِ لكان أفضل، لأن كل ما كان يجب أن يتم في وقته ضاع بتأخرك عن الموعد!

التأخير ليس فقط في مواعيد العمل والمواعيد الشخصية التي ننتظرها ونعقدها طوال الوقت، كمواعيد لقاء الأصدقاء، والاجتماعات وموعد الطبيب ومواعيد السفر.... فهذه يمكن قبول الأعذار عنها وتمريرها بأقل قدر ممكن من المشادات والغضب، لكن ماذا حين يتأخر أمر في غاية الأهمية والأثر على الشخص، ويظل ينتظره طوال الوقت لكنه لا يأتي، وحين يأتي يكون الوقت قد فات، والرغبة فيه قد انطفأت؟ إن هذا يحصل في مواقف كثيرة حولنا!

يحدث أن ينتظر الموظف المُجد والقدير في عمله فرصة ترقيته التي يستحقها، ويراها تذهب يميناً ويساراً لكنها لا تصل إليه، وحين تتذكره مؤسسته يكون صبره قد نفد واحتمالات فرحه بها واستفادته منها قد تضاءلت إن لم تكن قد تلاشت وفقد الأمل! وكذلك تكريم من يستحق التكريم ممن أفنى عمره وجهده في الارتقاء بنفسه ومؤهلاته وأعطى وأسهم لأجل مجتمعه، لكن لا يلتفت إليه أحد، بينما يرى التكريمات تمنح لكل أحد، فكيف يكون إحساسه وهو الفنان الكبير ذو التاريخ والأثر وقد تم تجاهله سنوات وسنوات، وعندما تم له التكريم جاء وهو بالكاد يستطيع أن يقف على قدميه مستنداً إلى مساعدين يسندونه!

لقد فعلت المملكة العربية السعودية صنيعاً يحسب لها بتكريمها الفنانة القديرة نجاة الصغيرة التي لم تحظَ بهذا التكريم في بلادها للأسف ككثير من الفنانين والأدباء، لكن كم أحزنتني وهي بالكاد تستطيع الوقوف وترزح تحت 83 عاماً.. جميل أن تكرّم لكن أما كان ينبغي أن يكون ذلك مبكراً جداً لتفرح بذلك كما يجب!

 

Email