لماذا نحتاج إلى التغيير؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

أتذكر أنه من أكثر المبادئ جدلاً واهتماماً بين الطلاب في تلك الفترة التي درسنا فيها علم الإدارة في الجامعة، مبدأ التغيير وتوظيفه إدارياً وتنموياً، ثم وبعد أن عركتنا دروب الحياة وكواليس المؤسسات والإدارات، اقتنعنا تماماً بأن التغيير هو القانون الأكثر قوة وثباتاً في تسيير الدنيا من حولنا، والتحكم في الحياة بمجمل علاقاتها.

إنه لولا التغيير لما صرنا إلى ما صرنا إليه، ولما تدافع الناس لأجل مصالحهم، ولفسدت الأرض، وضاعت الحقوق وشعر الناس بالإحباط وفقدان الأمل إذا بقي كل أمر على حاله، وخاصة الفاسد والطالح منه، لكن التغيير الذي يأتي في الوقت المحدد، أو حتى ذلك الذي يتأخر قليلاً يمنح كل شيء قيمة ومعنى، وأهم تلك المعاني: العدالة وإعادة الأمور إلى نصابها!

في الإدارات والمؤسسات يرتقي البعض بواقع مؤسسته، ويغير كل شيء لصالح العمل والمجتمع، بينما ينسى البعض التزاماتهم المبدئية التي وجدوا في مناصبهم لأجلها، فيهملونها وقد يتجاوزونها، وقد لا يوفقون في أدائها، وقد يجتهدون لكنهم لا ينجحون، وقد لا يحققون أو لا يصيبون النجاح المتوقع، وهنا يأتي دور التغيير، والتغيير هنا ليس سوى التفاتة القدر لتعديل الطريق، حيث لا تصل القطارات إلى محطاتها إلا حين تستقيم خطوط السكك الحديدية!

لماذا يعتبر التغيير ضرورياً إلى هذه الدرجة؟

للإمام الشافعي بيت من الشعر، يمكن الاستعانة به كمدخل للإجابة عن هذا السؤال، وهو جواب يلخص الحكمة من التغيير وضروراته حيث يقول:

إني رأيتُ وقوفَ الماء يفسدهُ

إِنْ سَال طَابَ وَإنْ لَمْ يَجْرِ لَمْ يَطِبِ

كل ما يقف في مكانه طويلاً دون تجديد ومراجعة وتغيير، يفسد ويعطب في نهاية الأمر، سواء كان ذلك في العلاقات الإنسانية، في الزواج، في التعليم، في الحياة الخاصة بالإنسان، في المؤسسات، في الجامعات، في السياسة وفي الاقتصاد.. إذا لم نجدد ونغير، لأننا لن نصل إلى التحسين والتطوير المطلوب إلا بالتغيير!

Email