يذهب كل شيء فنعود إلى أنفسنا!

ت + ت - الحجم الطبيعي

في مقابلة لها على قناة الـ (CNN) الأمريكية، تحدثت المطربة الإيرانية الأشهر (گوگوش) في لقاء مع المذيعة كريستين أمان بور، عن سنوات السبعينيات، سنوات التألق والنجاح عندما كانت معبودة الجماهير، والتي شهدت تألقاً لم يحظ به أحد مثلها، فقالت، إن سنوات السبعينيات الضاجة بالشباب وأغاني البوب وتسريحات الشعر وحفلات باريس و.... انتهت وتلاشت إلى غير رجعة، بعد قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، والتي أنهت حكم الشاه وغيرت بوصلة السياسة ووجه الحياة الثقافية في إيران، لقد كانت گوگوش واحدة من أبرز ملامح ذلك الوجه في تلك السنوات!
منعت المطربة التي لقبت بـ(فيروز إيران) من الغناء وتوارت عن الأنظار وارتدت غطاء الرأس، وتزوجت وتطلقت، وانهالت عليها المصاعب التي قاومتها بالقراءة والرياضة، واليقين بأن كل شيء قد ذهب إلى غير رجعة ومعه ذهبت هي أيضاً، ولن تعود تلك المطربة التي تملأ أخبارها البلاد وتقلدها النساء في كل خطوة، حتى عندما قصت شعرها تماماً قلدتها معظم نساء إيران!
لقد غادرت لتستقر بشكل نهائي في كندا، وعادت من هناك لممارسة الغناء مجدداً، لتحل ضيفة على كبريات الفضائيات وسط احتفاء كبير، من يتابع لقاءات هذه السيدة التي تخطت السبعين اليوم لا يجد أثراً لهذا العمر المتقدم، لكن الملاحظ بشكل لافت هو إصرار هذه المطربة على التحدث بلغتها الفارسية في كل مقابلاتها ولقاءاتها، وهو أمر يدعو للاحترام فعلاً كأي إنسان منتم إلى لغته وثقافته وهويته، فلا يقبل التفريط فيها كما يصر على التمسك بها وباحترام شديد!
تذكرني گوگوش بكل الذين أعرفهم وألتقيهم من الذين ينتمون إلى تفاصيل هويتهم بمحبة صادقة وانتماء كبير، كجدتي ووالدتي وكل النساء اللواتي يحافظن على ثيابهن التقليدية بمحبة، وكبناتنا اللواتي يحافظن على زيهن المحتشم باقتناع، وكنساء أفريقيا اللواتي أراهن في المؤتمرات والمطارات، وكالمسؤول الصيني الذي لا يرطن بالإنجليزية، والفرنسي الذي يغار على لغته إلى حد التعصب، وكثيرين ممن يظهرون على الفضائيات فلا يتحدثون إلا بلغتهم، لأنها لغة يجب أن تسمع جيداً كالإنجليزية تماماً!

Email