شكراً.. أنا أعتذر!

ت + ت - الحجم الطبيعي

ينتمي الفيلم السويدي «شكراً، أنا أعتذر» لنوعية أفلام العائلة، التي يمكن لجميع أفراد العائلة مشاهدتها دون أية محاذير بدءاً من الأطفال في عمر السابعة كما هو مثبت على الفيلم، إضافة وهو الأهم أن الفيلم يتعرض لأزمات العلاقات الأسرية، وما يقود إليه طلاق الوالدين وانعكاسات هذا الأمر على مجمل الأسرة وعلاقاتهم بعضهم ببعض.

الفيلم رحلة استكشاف لماضي العلاقات بين شقيقتين مختلفتين كلياً في طباعهما، وهما لم تلتقيا منذ سنوات طويلة بعد وفاة والدتهما، حيث تقاطع الأخت الصغرى المتزوجة أختها التي تأتي أخيراً لتقف إلى جانبها بعد وفاة زوجها، كما تحتفظ بعلاقة مودة مع والدها، الذي يقيم في دار للمسنين، وحين تربح ورقة يانصيب فإنها تقع في حبائل شاب نرجسي يستغلها بوهم الحب، لكنها تتقبله وتغض الطرف عن أكاذيبه، حيث اعتادت على الإذعان والرضا.

تفتتح المخرجة فيلمها بمشهد (دانييل) زوج سارة وهو يخبرها من خلف باب الحمام المغلق أنه سيتركها ويرحل في الصباح، ثم يذهب لينام بمنتهى البرود، لكنه لا يصحو أبداً، ما يضع سارة في مواجهة الحياة وحيدة وهي حامل في شهرها الثامن، ومع طفل في الخامسة من عمره وبلا عمل، وتعيش أزمة علاقات عائلة لم تعرف يوماً كيف تعالجها أو تتخلص من مشاعرها السلبية تجاهها نظراً لأنانيتها الشديدة، التي تقاربها من شخصية والدها!

سيحتاج المشاهد للكثير من الصبر والشجاعة وهو يغوص في تفاصيل الحكاية ونفوس أبطال الفيلم، للوصول إلى حقيقة وأسباب كل هذا التأزم والنقمة البادية على الجميع، فما يحاول الجميع الحديث عنه باعتباره ماضياً لابد من نسيانه وتجاوزه، هو في الحقيقة ما يقيدهم لهذا الماضي، وما يلقي بوطأته على الواقع الذي يتخبطون فيه بكثير من التشتت والغضب والحدة وعدم التسامح، ولذلك فإن التجاوز والمغفرة هما ما أعادا الأمور إلى نصابها!

إن براعة المخرجة وأداء البطلة (سانا ساندكويست) وسائر الممثلين، تقول بوضوح إنه حتى في الجليد العاطفي المتراكم بين الأفراد في الغرب فإن العلاقات داخل الأسرة غير قابلة للتفكك أو التجاوز وإن الأسرة هي المنقذ، وصمام الأمان في أحلك الظروف.

 

Email