فما هو الحل؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

أؤمن وبشكل لا تردد فيه، أن مؤسسات السياسة والاقتصاد والعلاقات الدولية في كل مكان من العالم، نجحت وبشكل واضح نراه ونتابعه يومياً، في استغلال كل شيء، وجعل السياسة والاقتصاد والعلاقات بين البشر مجرد أدوات لخدمة المصالح أفراداً ومجموعات محدودة، بعيداً عن احتياجات البسطاء أو التفكير في حماية الضعفاء أو الالتفات إلى قيم العدالة والتسامح و... إلخ، وبالتأكيد فهناك استثناءات دائماً، لكن هذه الاستثناءات لا تستطيع أن تقف في وجه الجبروت والطغيان والمارقين على القوانين الدولية!

وإذن فما الحل؟ هل يعني هذا الإقرار بفرض وطغيان قانون القوة أننا أصبحنا نعيش تحت قوانين الغابة؟ وأنه إذا كانت هناك قيم وقوانين فهذه لا تصلح إلا للضعفاء، أما الأقوياء فهم فوق القوانين وفوق المحاسبات وفوق المساءلات؟ هل علينا أن نؤمن ونقنع بهذا المنطق المخيف؟ في الحقيقة ورغم سيادة هذا المنطق، إلا أن الخطأ لا يمكنه أن يكون هو السائد أو المقبول حتى وإن مارسه كل الناس، التاريخ ومنطق الحياة يؤكدان ذلك!

وإن الإقرار بوجود وسيادة الشر لا يعني اعتباره حقاً، ما يعني أن علينا مجابهته، ومقاومته وعدم الإذعان له بكل ما تمنحه لنا إنسانيتنا من انفتاح وقوة وصبر، وأن توظيف الثقافة والسينما وقيم التسامح وتربية الأجيال على الانحياز لإنسانيتهم وقيمهم، إضافة للمعرفة والسعي لها دائماً، فهي واحدة من الأسلحة التي علينا أن نفعّلها ونشعرها ولا ننساها أبداً.

إن منطق الطغيان لم تعشه البشرية اليوم في غزة أو البوسنة وأفغانستان والعراق، ولم يحدث ذلك في حروب الاستقلال ولا في الثورات الكبرى! لقد مارس الإنسان الأوروبي شتى صنوف التطهير العرقي والإبادة الجماعية ضد سكان أفريقيا، وضد السكان الأصليين في الأمريكتين عندما جاء الأوروبيون ليحتلوا العالم الجديد، وضد المسلمين في الحروب الصليبية، وأثناء غزو المغول البشع.

.. إن الإنسان الممتلئ بالحقد والوحشية وشهوة التدمير لا يمكنه أن يصنع أو يبني حضارة حتى وإن ادعى ذلك وأعلن بأعلى صوته، فـ(لا تبنى حضارة بأناس غير حضاريين) كما يقول الأديب الجزائري واسيني الأعرج.

 

Email