حول إرهاب القراءة! 2 ـــ 2

ت + ت - الحجم الطبيعي

نستكمل اليوم الحديث حول قراءة الروايات وحرية القراءة وإكراهاتها، والكثير من الأوهام التي تنتشر حولها، حيث تبدو الكتب أشبه بالبشر تماماً، فلا يمكن قراءتها من العنوان فقط، إنما العنوان عتبة الرواية الأولى لا أكثر، أما أسرارها، ومكامن ضعفها وجمالياتها فتتبدى للقارئ بالتدريج وهو يمضي في قراءتها، بعض الروايات تسكننا، وبعضها نحايلها مكرهين، ثم نضطر بعد عشرين أو خمسين صفحة إلى أن نضعها جانباً، لأنها رواية لم تكتب لنا، لهذا فعبارة «الكتاب يقرأ من عنوانه» تبدو مخاتلة أحياناً، وخاطئة في معظم الأوقات!

إن احترامك لوقتك، ورصيدك من الوعي والمعرفة، يعطياك الحق في أن تفند ما يقع بين يديك من كتب، فتختار ما يناسبك وما تحب، دون مجاملة أو إكراه، ما لم تكن قراءاتك لأغراض علمية أو عملية، ثم يحق لك بطبيعة الحال أن تقول رأيك فيما تقرأ دون أن ينتابك شعور من يرتكب خطأ أو يدس يده في عش الدبابير، فأنت قارئ وهذه حقوقك!

وأما آخر الملاحظات، فكم أتمنى أن لا تتحول مجموعات القراءة على «السوشال ميديا» إلى سلطة إرهاب فكري ذات علاقات ومظاهر قهرية، فهي مؤثرة على الفئة العمرية من الشباب الصغار الذين ينساقون وراء ترشيحات أصحابها، والتي تبدو في أحيان كثيرة ذات مستويات ضعيفة، لا تخدم ثقافة القراءة الأصيلة، بقدر ما تخدم السوق والعلاقات الشخصية و..!

تحتاج هذه المجموعات إلى نقد وتفكيك منهجي من قبل أساتذة النقد والإعلام والأدباء أكثر من الحاجة إلى عداءات لا طائل من ورائها!

وكقراء علينا أن لا نحول ثقافة القراءة، ومراجعات الكتب إلى حالة فوقية أو أزمة علاقات شخصية وصراعات بهدف الظهور الإعلامي، علينا أن نوظف كل المتاح لإعلاء هذه الثقافة بالاشتغال من أجل المزيد من المكاسب على مستوى شريحة الشباب والطلاب والمناهج المدرسية تحديداً.

ولأن العالم لا ينقصه مزيد من العداء والعنف والسلطوية، فعلينا أن نؤمن بديمقراطية القراءة وندافع عنها، ونقرأ ما نريد دون خوف من جماعات الضغط والمعجبين والكتاب وإدارات الجوائز!

 

Email