أبجديات

حول إرهاب القراءة!1 ـــ 2

ت + ت - الحجم الطبيعي

منذ اخترعت الكتابة والإنسان لم يتوقف عن الكتابة، فكتب كل شيء وكتب على كل شيء، ثم اخترع القصص، فكانت الرواية واحدة من تمثلات هذا الاختراع العظيم، اختراع الكتابة!

فيما يخص الروايات لدي بعض القناعات الشخصية والملاحظات التي أوردها هنا لأتشاركها معكم: لنتفق أولاً على أن ليس كل ما يكتب من الروايات يجب لزاماً أن يقرأ، فهناك غير الصالح وغير المهم، وغير الضروري، وهناك ما هو غير جدير بالقراءة أو قد لا يناسبنا، فقد تقرأ عشرين أو خمسين صفحة من رواية ما، ثم تتوقف قائلاً: لا يمكنني إكمال هذه الرواية، إنها رواية لم تكتب لي، فتضعها جانباً وإلى الأبد، فبعض الروائيين يكتبون بمحلية صرفة، يكتبون لشعوبهم ومجتمعاتهم فقط، ويعالجون أموراً لا نعرف نحن عن تفاصيلها وخلفياتها أي شيء، لذلك فإن فكرة أو مغزى العمل لا يصلنا أبداً.

على سبيل المثال أنا لا تصلني أفكار الرواية الكورية أو اليابانية، فقد حاولت مراراً لكنني لم أستطع أن أتفاعل معها، كما لم أتمكن من الإمساك بعمق ومغزى الفكرة، إن مشكلات مجتمع ما أو أفكاره تحتاج إلى فهم وإحاطة قد لا توفرها الرواية! قد نطلع على شيء من آداب وتاريخ بعض المجتمعات إن أردنا المعرفة، لكن الأمر لا يصل إلى حد الإلزام نهائياً. كما قد يكتب بعض الروائيين بلغة وطريقة وطرح ومعالجة فيها ما فيها من الضعف والضحالة أو الألغاز والتعقيد والتكرار، ما يمنع من قراءة الرواية أو فهمها أو الاهتمام بها.

ثانياً، إذا كتب الروائيون وأنتجت المطابع وأنجز المترجمون وأعلنت مؤسسات الجوائز العالمية والمحلية في كل عام عن ألف رواية مثلاً، فمن قال إنه من المفترض أن على القارئ أن يلاحق كل هذا ويقرأه؟ حتى نتاجات الجوائز العالمية يمكننا أن لا نقرأها وبضمير مرتاح إذا لم تمثل لنا إضافة أو اهتماماً أو أهمية!

ثالثاً، وبعيداً عن الصداقات والتباهي وجماعات الضغط والمعجبين وآراء النقاد ومجموعات القراءة.. لنحاول كقراء أن نتخلص من صناعة أو الإحساس بعقدة العداء للرواية والروائي، التي تذكر بعقدة العداء للسامية.

وللحديث بقية..

 

Email