قطط إسطنبول

ت + ت - الحجم الطبيعي

تشكل القطط المنتشرة في أزقة وشوارع وأحياء إسطنبول، ومنذ سنوات طويلة، ظاهرة ثقافية وإنسانية بامتياز، ومع مرور الوقت أصبحت هذه القطط علامة فارقة تظهر في فيديوهات السياح وصورهم، في الأفلام الوثائقية، في البطاقات التذكارية وأغلفة الكراسات والملابس وأدوات الطلاب المدرسية، أصبحت توازي برج غلاطة والجرايد بازار والسوق المصري و... تلك حقيقة لا مبالغة فيها!

إن جموع القطط التي ستتعثر بها وأنت تعبر حي بلاط أو نيشانتيشي، شيشلي أو شارع الاستقلال أو أي حي ومنطقة، لا يمكن أن لا تلفت انتباهك بأنواعها وألوانها، وذلك القطع الواضح في طرف آذانها علامة على تعقيمها، لذلك فأنت كأي سائح أو زائر، ستنحني لها حتماً ملاعباً، أو كي تلتقط لها أو معها صورة تذكارية، إن هذه الجموع الكثيرة من القطط تعتبر نفسها جزءاً من تاريخ وحاضر المدينة، لها حقوق كحقوق أي مواطن!

لا أتحدث عن عشرة أو مئة قطة، بل عن قطط بعدد المحلات والمقاهي والمطاعم والمكتبات، ومحلات بيع الورد والملابس والصيدليات و... لذلك تتحرك القطط في الأمكنة باعتبارها ملكيتها الخاصة! أما أهالي إسطنبول فيحبون قطط مدينتهم، ولا يتبرمون منها أبداً، بل يشعرون بمسؤولية حقيقية تجاهها، ولكثرتها وتعدد حكاياتها فقد تحولت إلى روح أخرى تضفي على إسطنبول حالة من الخصوصية.

يقال إن جزءاً من تاريخ إسطنبول مخبوء في جانب خفي من مسيرة القطط عبر التاريخ العثماني، هذه القطط التي انتشرت في المدينة قادمة من الميناء، فحين ترسو السفن، تهبط القطط التي رافقت البحارة لحماية بضائعهم وأطعمتهم، من السفن لتجوب الشوارع والأحياء ولتستقر أخيراً في المكان الذي تختاره، هكذا كان الحال منذ أزمنة بعيدة.

جرب أن تجلس في أحد المقاهي، وستجد حتماً قطاً أو قطة يجلسان في مدخله كأنهما حارسان حقيقيان للمكان، لا يخافان ولا يفران من المارة وينظران إليك كأنهما يستعدان لالتقاط صورة معك، كقطة المكتبة التي أرادت الخروج فجلست أمام الباب انتظاراً لأن يفتح آلياً، فلما لم ينفتح وقفت أمامي وصارت تنظر للباب!

Email