الكتاب الذي يشبه الفأس!

ت + ت - الحجم الطبيعي

ينسب للفيلسوف الألماني شوبنهاور قوله: «أن تقرأ يعني أن تفكر بعقل شخص آخر»، فهل يصل الأمر بالإنسان القارئ فعلاً إلى أن يتقمص عقل الكاتب الذي يقرأ له؟ وهل معنى ذلك أن أفكار الكتب المهمة التي لم تصل لأيدينا أو مُنعنا من قراءتها، لم تتسرب إلينا فعلاً فقط لأننا لم نقرأها؟ ربما آمنا بالكثير من أفكار كتاب كبار وفلاسفة عظام دون أن نقرأ كتبهم، لأن للأفكار أجنحة غير مرئية! لكن شوبنهاور كان يعبر عن انحيازه للفكر والقراءة التي تمثل رافداً جوهرياً للعقل الإنساني.

لذلك يؤكد الكاتب الياباني هاروكي موراكامي على أنك: «إذا كنت تقرأ فقط الكتب التي يقرأها الجميع فستفكر فقط كما يفكّر الجميع»، وهذه مقولة في غاية الأهمية والخطورة، حيث تم في فترة من فترات القمع الفكري في الكثير من البلدان منع قراءة وتداول كتب وأفكار معينة، والتركيز على كتب وأفكار تخدم أيديولوجيات بعينها كانت مفروضة على الأمة بالقوة والإرهاب، كما هو الحال مع (الكتاب الأخضر) زمن معمر القذافي، و«الكتاب الأحمر» في الصين لماو تسي تونغ، وكتاب «كفاحي» لهتلر، فماذا استفادت الملايين من مثل تلك الكتب يا ترى؟

للكاتب التشيكي فرانز كافكا مقولة حاول من خلالها إقناع القراء بخطورة الكتب حين اعتبر أننا كقراء غير مطالبين بقراءة أي كتاب يخرج من المطبعة، بل علينا أن نحرص على اختيار الكتاب الذي يستحق الاقتناء والقراءة، فما مواصفات ذلك الكتاب من وجهة نظر كافكا؟

إنه الكتاب الذي يشبه «الفأس» التي تكسر البحر المتجمد بداخلنا، لذلك علينا أن نقرأ فقط تلك الكتب التي تؤلمنا أو تطعننا، متسائلاً: إن لم يوقظنا الكتاب بضربة على الرأس بأفكاره فلماذا نضيع وقتنا في قراءته؟

هل يمكننا أن نتخيل ماذا يقرأ الناس اليوم؟ وعن ماذا يدافعون؟ وكيف يفجر البعض معارك حقيقية على صفحات السوشيال ميديا لأجل كتب وروايات لا قيمة لها، لأجل صداقات ومصالح مادية تافهة، وهؤلاء لا يعدهم كافكا قراء من الأساس!

Email