التجربة السويدية!

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد أن قدمت وزيرتا المدارس والثقافة تقريرهما المفصل للحكومة حول مستوى طلاب مدارس السويد، وتحديداً فيما يتعلق بالقراءة والكتابة والرياضيات، فإن الحكومة سارعت مباشرة باتخاذ الإجراءات الكفيلة للحد من هذا التدهور، معلنة أن الأرقام المقدمة تنذر بخطر كبير على مستقبل الطلاب ومستقبل السويد بشكل عام!

لقد تم وضع استراتيجية تنص على الحد من التعليم الرقمي في السويد حرصاً على مهارات الطلاب الذين أفقدتهم التكنولوجيا أهم المهارات التي يحتاجها أي طالب، كما تم تخصيص مبلغ 685 مليون كرونة سويدية (250 مليون درهم) من أجل الكتب والمناهج التي ستعيد الطلاب مجدداً للتعليم التقليدي!

الأمر لا يخص طلاب السويد، فقد انساق العالم وراء التعليم الرقمي بشكل مبالغ فيه، إلى تلك الدرجة التي أصبح فيها مناصرو هذا التوجه يرون أن التعليم إذا كان قد بدأ عندنا فعلاً فإنه قد بدأ بالتعليم الرقمي، أما ما قبل ذلك فإنه لم يكن تعليماً ولا تطوراً، هؤلاء المندفعون دوماً نحو نواتج الحداثة تصل بهم المزايدة أحياناً إلى الوقوع في ضبابية الرؤية، فلا يتمهلون في إطلاق الأحكام، ولا يمنحون التجربة فرصتها ووقتها الكافي ليرى المجتمع والمعنيون بالأمر نتائجها على أرض الواقع!

إنهم يعرضون التجربة الجديدة ويطالبون بتطبيقها على أوسع نطاق ممكن، فتتكبد الدولة المليارات من أجل المناهج والأجهزة، ثم لا أحد يقيس النتائج على الطلاب فعلاً، وإذا حدث وتم قياسها فإن النتائج لا تعلن بالشفافية المطلوبة! لماذا؟ لا جواب! فهل من المعقول أن ينعكس التعليم الرقمي سلباً على طلاب مجتمعات متقدمة كالسويد والولايات المتحدة وألمانيا، في مجالات القراءة والكتابة والرياضيات والفيزياء، دون أن تكون له نفس الآثار في دولنا أو دول شبيهة بنا!

أبناؤنا متفوقون وبجدارة في استخدام التقنية والأجهزة اللوحية، نعم لكنهم لا يعرفون صياغة جملة بلا أخطاء ناهيك عن كتابتها باللغة العربية، مذلك فإن مستوياتهم الدراسية ليست على ما يرام، كما لا يجيدون التعبير عن أنفسهم بطلاقة، ولديهم إشكاليات في التواصل الإنساني مع أسرهم ومحيطهم لأن كل تركيزهم في الأجهزة.. ألا نحتاج لتدخل تعليمي نستلهم فيه التجربة السويدية؟

Email