عقلانية التسامح!

ت + ت - الحجم الطبيعي

هناك أزمات كبرى تقع فيها المجتمعات نتيجة لأخطاء تقع ولا يتم معالجتها بعقلانية وصراحة، الاكتفاء بالعلاجات العاطفية وتطييب الخواطر والتعاطف مع أصحاب المشاكل أو المتضررين ليس كافياً، علينا أن نكون واضحين جداً في طريقة التعاطف، لأن التساهل والتنازل بداعي أن لا نغضب فلاناً ولا نجرح مشاعر علان ولا نثير حساسيات من نوع ما، يجعل الطرف أو الفئة التي من المفترض أننا نجاملها أو نسترضيها تشعر بالقوة والتفوق، وبأن مجاملتها أو السكوت على أفعالها أياً كانت هو حق مكتسب عليك أن تفعله دائماً، وعلينا أن نؤديه باستمرار!

هل يفعل كل أفراد المجتمع ذلك برضا وقناعة؟ إن الرضا الاجتماعي أو عدم الرضا لا يهم بالنسبة لأفراد هذه الفئة، نعم، فهم يرون أنهم قد انتزعوا حقاً أو مكسباً عليهم أن يزيدوا عليه، لا أن يفرطوا فيه، فما هو المهم إذن؟

المهم هو ذلك الشعور الذي يجب أن يبقى مسيطراً على الجميع (سواء كان أفراد العائلة أو المجموعة أو المجتمع أو الدولة أو العالم...) وهو إحساسهم بالالتزام بما يقومون به، لأن عدم الالتزام سيعرضهم لعقوبات مؤكدة!! وبهذا فقد حولنا المضطهد أو الواقع تحت الشدة أو الأزمة إلى وحش يهددنا ويشعرنا وكأننا نكفر عن خطأ أو ذنب اقترفناه في حقه!!

سأعطي مثالاً: الطلاب قديماً كانوا يعاقبون في المدارس عندما يسيئون الأدب مع المعلم أو يتغيبون بلا سبب أو يتهاونون في أداء واجباتهم.. حتى خرجت أصوات تحولت لموجة عارمة تنادي بعدم المساس بالطالب لا بالضرب ولا بتوجيه أي لفظ قاسٍ فهذه العقوبة تشكل إهانة لشخصه، ماذا حدث فيما بعد؟ ما هي النتيجة؟ المدارس تحكي قصصاً تكفي لإعادة النظر في طريقة التعامل مع الطلاب!

ماذا عن الأجانب الذين أصبحوا يتجاوزون في أمور كثيرة ويستهترون ببعض القوانين انطلاقاً بأن علينا أن نسكت عنهم ولا نتعرض لهم وإلا فإن ذلك معناه أننا عنصريون وغير متسامحين وغير مرحبين.. معاداة الأجانب أو معاداة الأطفال أو المثليين... تحتاج وقفة عقلانية لا عاطفية، وفهم التسامح بشكل صحيح مطلوب لمصلحة الجميع حتى لا ينقلب التسامح ضدنا!

Email