الموظفون.. والعباقرة !

ت + ت - الحجم الطبيعي

في بيتنا طفل أو عدة أطفال، وفي بيوتكم كذلك، وتعرفون بالتأكيد بيوتاً لا تعد ولا تحصى تمتلئ بالخيرات والأطفال والمواهب.. لكن المفاجئ أن من بين مئات البيوت أو العائلات يتناهى إلى سمعنا أحياناً وجود طفل موهوب أو طفلة ذات قدرات مغايرة عن المعتاد، في الموسيقى أو تعلم اللغات أو الخطابة والميل للاختراعات أو الكتابة والتأليف أو الرسم والبرمجة والتقنيات.. وهنا يطل السؤال البديهي: ماذا عن بقية الصغار في مئات المنازل الأخرى؟ أيعقل أنهم ولدوا ليعبروا الدنيا وجوداً لا معنى له وخوضاً عبثياً في نهر الحياة؟

يلعب المحيط دوراً كبيراً في صناعة المبدع، وبالذات محيط البيت والمدرسة، في البيت يلعب الوالدان الدور الرئيس، وذلك باكتشاف الطفل العبقري منذ نعومة أظفاره، ومن ثم رعايته وتنميته بمختلف الطرق والوسائل وهنا لابد من الاستعانة بخبراء تربية الإبداع، وأساتذة سلوك الطفل حتى لا تضيع الموهبة وتتلاشى!

غالباً ما يظهر الطفل النابغ أو الذي ستكشف الأيام عن نبوغه بمظهر الطفل الصامت أو الكاره للدرس والتعليم، شديد الشرود، ميّال للعزلة ومتوحد غالباً مع عوالمه وأفكاره، لقد كان أديسون مثلاً طالباً لا يرغب في التعلم لذلك تم طرده رغم نبوغه، ولم ينل الدنماركي نيلز بور رضا أساتذته يوماً، وبالرغم من ذلك نال جائزة نوبل في الفيزياء، هو الذي لم يعطِ إجابة محددة عن سؤال بسيط في مادة الفيزياء، ليس لأنه غبي ولكن لأن إجاباته العبقرية لم ترق للأستاذ فقام بترسيبه في المادة! وكذلك مؤلفة سلسلة هاري بوتر التي تظل في الفصل شاردة تراقب وتفكر وتبتدع عوالم وخيالات لقصصها منذ الصغر.

إن الطلاب المصابين بفرط الحركة والتهرب من الدروس، وابتداع أساليب شغب لا تخطر على بال أحد، هؤلاء كان بالإمكان توجيههم بشكل مختلف بدل طردهم ومعاقبتهم بتلك القسوة، وأظن أنهم كانوا مشاريع مؤلفين عظام في مجال أدب الجريمة والفنتازيا لو أُحسن استغلال ذكائهم، لكن للأسف فإن المدارس في معظمها تشكل بيئات طاردة أكثر منها بيئات مشجعة، إنها مؤسسات تخريج موظفين لا عباقرة!

Email