هل لدينا وقت كاف للقراءة؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

«كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة» هذه عبارة عبقرية قالها أحد أبرز المتصوفين المسلمين هو محمد النفري، الذي جمع بين التصوف والفلسفة، وعاش في القرن الرابع الهجري، كدرويش متأمل يتبعه طلابه، ويلتقطون العلم والكلمات من فمه كما تلتقط الدرر والجواهر، وإن ما وصل من آثاره وكلماته إنما كان مما التقطه تلاميذه ومريدوه منه ودونوه، وهو ما جمع في كتاب اشتهر عنه تحت عنوان (المواقف والمخاطبات)، وهو ما أشار إليه الشيخ ابن عربي في كتابه «الفتوحات المكية».

إن استحضار العبارة قادت لاستحضار قائلها حتماً، وذلك من باب إرجاع الفضل لأهله، ومناسبة التفتيش عن هذه العبارة، هو سؤال طرحته كاتبة صديقة على صفحتها في الفيسبوك خلاصته: من أين نجد الوقت لنقرأ كل هذه الكتب الموجودة في العالم ؟ فما العلاقة بين الاثنين؟ قد يتساءل بعضكم؟ والحقيقة أن عالم الكتب كعالم المعنى كلما اتسع ضاق عن احتوائه وعاء سواء كان ذلك الوعاء مكتبة أو كتباً أو روايات أو قصائد أو خطباً!

المعاني والأفكار أكبر وأخطر من أن يقبض عليها شخص ويحبسها في كتب، لذلك قيل بأنه عندما حرقت كتب ابن رشد قال أحدهم: لا تخافوا على الكتب، فللأفكار أجنحة ستحلق بها عبر كل الأزمنة والأمكنة، لذلك لو سألنا اليوم أين أفكار ابن رشد وابن عربي وأين أولئك البؤساء الذين أضرموا النيران في كتبهم؟ أين علم العرب الذي أضاء ظلام أوروبا في القرن الثاني والثالث عشر وأين من أحرقوا تلك الكتب العظيمة في حقبة محاكم التفتيش المظلمة؟

من هنا على القارئ أن يقرأ ما يفيده ويمتعه ويجعله أكثر فهماً وإنسانية وتنقيباً عن الجمال والمعاني قبل أن ينظر إلى أرتال الكتب المصفوفة في كل مكان فكم من كتب طبعت بملايين النسخ لا تساوي حبرها وكم كتاباً خط خطاً باليد وتناقلته أجيال عبر الزمن، ولنا في الكتاب الأخضر وكتاب الزعيم ماوتسي تونغ خير مثال، وكتب كثيرة تزدحم بها دور النشر والمعارض، هناك كتب لم تكتب لنا بغض النظر عن شهرتها وأرقام مبيعاتها !

Email