هكذا توجهنا أولوياتنا !

ت + ت - الحجم الطبيعي

في رواية (قائمة رغباتي) للفرنسي غريغور دولاكور، كان لبطلة الرواية، السيدة البسيطة التي كانت تعمل في مشغل خياطة، لائحة رغبات غاية في التواضع، من شاكلة مصباح لمدخل البيت، وشاشة تلفزيون كبيرة ومسطحة ليشاهد منها زوجها مباريات كرة القدم المفضلة لديه، وتشاء الظروف أن تربح جائزة اليانصيب الكبرى، لتبدأ المأساة والتبدلات التراجيدية في حياة المرأة!.

إن السؤال الذي بقي عالقاً في ذهني مذ قرأت الرواية منذ ما يقارب الـ 10 سنوات هو: لماذا بقيت لائحة رغبات هذه السيدة على حالها، لم تتبدل على الرغم من الأموال التي كانت بين يديها ؟، لماذا لم ترفع سقف احتياجاتها وأحلامها، بعد أن أصبحت مليونيرة كما كان متوقعاً أو كما يحصل عادة؟.

لقد وجدتُ في فكرة الأولويات سبباً وحيداً لتصرف المرأة، فقد كانت رغباتها واحتياجاتها محدودة جداً، تنحصر في الضروريات فقط، أما وجود ولديها معها في المنزل أو زيارتهم للأسرة باستمرار، ومحبة زوجها لها ومرافقتها إلى محطة القطارات، وتحضير الطعام لها إذا عادت منهكة من أي رحلة عمل، فكان هو الأولوية الكبرى بالنسبة لها، لذلك كانت خائفة جداً من فقدان ذلك كله!.

إن معظم الناس يحتاجون لما هو أهم من (الأشياء) التي تشترى بالمال، يحتاجون للحب والدعم والشعور بالأمان، وبأنهم لن يهجروا ولن يتركوا وحيدين في أية لحظة وتحت أي ظرف، يخاف البعض إلى درجة الرعب من العجز والشيخوخة والوحدة والمرض، هذه الظروف التي يصبح فيها الإنسان في مسيس الحاجة لأبنائه وأسرته وأهله وأصدقائه، وهنا فلا يمكن لأية رغبات أو احتياجات أن تتساوى أو تقارن بهم، لذلك يفضل هؤلاء التضحية بالمال أو الرغبات كما فعلت بطلة الرواية، من أن يكون المال سبباً في خراب حياتهم كما يعتقدون، عندما يتناهش المحيطون بهم المال ويغادرون للاستمتاع وتلبية رغباتهم !!.

لم تكن المرأة في الرواية أنانية أبداً، لقد كانت خائفة مما سمعته من مستشار مؤسسة اليانصيب النفسي الذي قال لها الكثير عن تملق وتوحش الناس الذين سيتغيرون معها 360 درجة بسبب هذا المال!.

Email