الإمارات.. العطاء والثبات

ت + ت - الحجم الطبيعي

ترسخت كثير من المفاهيم السياسية والثقافية في ذهني منذ وقت مبكر جداً على أساس أن مرجعيتها الأولى هي الغرب، وتحديداً الأدباء والفلاسفة والمنظرين في علوم السياسة والقانون والاجتماع السياسي، فمبدأ الفصل بين السلطات الثلاث مثلاً، فكرة تعود في جذورها الحديثة للفيلسوف الفرنسي مونتسكيو، الذي صاغ المبدأ وطالب به لمواجهة تداخل الصلاحيات بين السلطات الثلاث في فرنسا، وبالتالي فسادها، ومنذ نجاح الثورة الفرنسية اعتبر هذا المبدأ إحدى ركائز الديمقراطية الغربية ونموذجاً للحكم الرشيد!

ومثل هذا المبدأ كانت مجموعة الحقوق المتضمنة في الميثاق الدولي لحقوق الإنسان وعلى رأسها حق التعبير والحياة وحرية الرأي.

كل الثورات والحروب التي شهدتها شعوب أوروبا للخلاص من الظلم والديكتاتوريات (الثورة الفرنسية / البريطانية / الروسية / الإيطالية/ الإسبانية..) كانت تطالب بتحقيق العدالة ورفع الظلم الذي ذاقت شعوب أوروبا ويلاته وعرفت مراراته على يد هتلر وموسوليني وفرانكو، وقد كانت ثوراتهم مشروعة لتحقيق العدالة والحق اللذين ترعاهما اليوم الأنظمة السياسية عبر الديمقراطية المتأسسة على حق تداول السلطة بعدالة، فالعدل أساس الحكم والملك!

أما في الولايات المتحدة الأمريكية قلعة الديمقراطية والمدافعة عن الحريات حول العالم، فقد ثار الأمريكان بين عامي 1765 و1783 ضد المستعمرين البريطانيين ونالوا استقلالهم بعد مواجهات طويلة، أما في الفترة ما بين العام 1861 إلى 1865، فقد واجه الشعب حرباً أهلية هي الأقسى والأكثر دموية لمواجهة الانفصاليين وتحرير العبيد من طغيان العنصرية والعنصريين.

توالى كل هذا أمام عيني في شريط طويل يمتد عبر آلاف الكتب والأفلام والمحاضرات التي قرأتها وشاهدتها واطلعت عليها، وأنا أرى وأتابع هذا الذي يجري للأطفال والنساء والمدنيين العزل الذين لا يأملون إلا في الحق والعدالة.. هذا الأمل الذي لن ينتهي ولن يموت على هذه الأرض التي عليها ما يستحق الحياة، ومن يستحق الفخر والتباهي والأمل به دوماً بعد الله، إنها الإمارات التي لا يخيب فيها الأمل، لقد أخرجتني من حيرتي، هذه اللفتات الإنسانية المتتالية والداعمة التي امتدت للإخوة الفلسطينيين، وكنت أعلم أن اليد ستمد من دولة الإمارات لا محالة ودون ضجيج أو زعيق.

Email