حريتك وقناعاتي!

ت + ت - الحجم الطبيعي

منذ فترة طويلة وأنا أفكر في هذا السؤال الإشكالي: هل هناك حدود لحرية التعبير بالنسبة للفرد في المجتمعات الغربية وخاصة عندما يصل الأمر إلى حد التطاول على عقائد ومشاعر الآخرين؟ أم أن المنهجية والموضوعية التي قام عليها الأمر النقدي في الغرب لا تضع أي وزن للأمور المتعلقة بالعواطف الدينية والوطنية؟

وكلما حملت نشرات الأخبار خبراً أو تقريراً عن تعديات بعض الأفراد في بعض الدول الأوروبية على القرآن أو على النبي محمد عليه الصلاة والسلام، ثارت هذه الإشكالية مجدداً، لأنها ليست مجرد سلوك عابر أو شأن داخلي لهذه الدول التي تحمي هؤلاء العنصريين، بل هي شأن وممارسة متكررة وثابتة وذات تأثيرات ممتدة، ويتمثل الأثر الأول في أن هذه العنصرية المقيتة تطال معتقدات المسلمين الذين يعيشون في المجتمعات الغربية نفسها، أما الأثر الثاني فيتمدد ليطال ملايين المسلمين في باقي أنحاء العالم ممن توجه هذه الاعتداءات ضد معتقداتهم!

كيف لهذه الأنظمة التي تمنح الفرد كامل حقوقه وتحافظ على حريته ومعتقداته، وتسن آلاف التشريعات لحمايته ضد الكراهية والعنف والجريمة و... الخ حتى تشمل بحمايتها وحصانتها الحيوان الذي تحرم ذبحه، أن تسمح بالاعتداء على عقائد الآخرين! والسؤال بأي قانون ومنطق يباح إذن لشخص أو عدة أشخاص أن يحرقوا كتاباً مقدساً يقدسه ملايين الناس، وتحت أسماع وأمام أنظار كل البشر وتحت حماية وحراسة الدولة؟ أين حقوق الآخرين؟ ماذا عن مشاعر ملايين الناس وقناعاتهم وأفكارهم؟ ماذا عن المصالح المشتركة؟ وكما أن هناك قوانين مشددة حيال معاداة السامية، لماذا لا يكون الأمر كذلك حيال معاداة الإسلام أو أي معتقد آخر؟

إن دعوات التسامح، والدعوات المستمرة لاستمرار الحوار بين الثقافات، وقوانين مناهضة العنصرية والكراهية.... الخ، تصير في خبر كان، وتؤثر بالتالي على مسيرة مشاريع هائلة ومهمة في طريق التعاون وتقريب الأفكار ووجهات النظر، كل هذا يتوقف في أرضه حين تسيطر الكراهية ومبادرات العداء، وحين يسمح لبعض مجانين العنصرية أن يحرقوا نسخاً من القرآن لا لسبب إلا لعداوات تملأ صدورهم!

Email