مثلما تحولت المياه إلى أزمة عالمية اقتربت فيها الدول من مواجهة بعضها البعض من أجل الاستحواذ على الأنهار والمنافذ والمضائق، فإن تضاؤل موارد الغذاء بسبب الاستهلاك الجائر للطبيعة من جهة، وتزايد أعداد السكان وسوء المناخ من جهة أخرى، جعل الكرة الأرضية تقترب من أزمة غذاء ومجاعات قد تجتاح العالم، ولنتذكر أننا في تاريخنا كعرب ننتمي لثقافة الصحراء، كانت قبائل الصحراء قديماً تتقاتل بسبب الماء والكلأ (الماء والغذاء)..
هذا للتذكير والمقاربة لا أكثر!
فكيف قدمت السينما فكرة الجوع بشكل عام عبر تاريخها، وكيف تناولت اليوم موضوع حروب الغذاء؟ ثم كيف استخدمت هذه الفكرة كأداة تغيير وتنمية ونضال من جهة، وكعصا لإرهاب الأفراد وإخضاع الدول من جهة، وإقناعهم أن الجوع يمثل التهديد الحقيقي، وأن البقاء يعني السيطرة على الموارد، والقضاء على الآخرين والاستحواذ على ما في أيديهم؟ يرى النقاد أن أفلام مسابقات الجوع ما هي إلا عصا تلوح بها الولايات المتحدة في وجوه كل من يجرؤ على معارضتها، لتحقق حالة من الضبط العالمي قائمة على الخوف من الجوع!
فلنتأمل!
ما بين (1962 - 1981) أنتجت السينما البرازيلية في موجتها الجديدة، عدداً ضخماً من الأفلام التي رفض مخرجوها اللغة الاستعمارية الأمريكية والأوروبية، ودعوا بدلاً من ذلك إلى إنتاج أفلام تظهر مأزق التخلف والبؤس الاجتماعي الذي تعيشه أمريكا اللاتينية والبرازيل في مواجهة استغلال الاستعماريين، معتبرين السينما لغة نضال ضد الجوع والفقر والبؤس.
في العام 1890 نشر النرويجي كنوت هامسون روايته (الجوع) التي تحكي عن الحالة النفسية التي خلفها الجوع في نفس شاب جائع حد الموت، التي حاز بها نوبل للآداب، وتحولت لفيلمين: (الجوع) سنة (1966)، وآخر باسم (الجوع) أيضاً سنة (2001).
أما السينما العربية فأنتجت في العام 1986 فيلماً بعنوان (الجوع) مبني على قصة لنجيب محفوظ بالعنوان نفسه ناقش فكرة الطعام والجوع في حارة مصرية قديمة يحكمها أحد الفتوات الذي يقوم برفع أسعار المواد الغذائية، لتجويع الناس في سبيل إخضاعهم والسيطرة عليهم!