الدراما العربية (2-2)

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما عدا عدداً من الأعمال التلفزيونية المهمة والمضيئة في تاريخ التلفزيونات العربية، مثل «ليالي الحلمية» كنموذج للدراما الاستقصائية التي تتبعت التاريخ المصري الحديث من عصر الملك فاروق وحتى مطلع التسعينيات، والحادث المفصلي في تاريخ الوطن العربي المتمثل في غزو الكويت على يد قوات صدام حسين، فإن كماً هائلاً من الإنتاج التلفزيوني لم يشكل إضافة حقيقية.

احتشدت عوامل عديدة لنجاح هذا العمل: أولاً القصة التي برع في كتابتها الراحل أسامة أنور عكاشة وأخرجها إسماعيل حافظ، القضايا محل الصراع والجدل في الحياة الاجتماعية والسياسية المصرية والعربية بشكل عام (الصراع بين الإقطاع والفلاحين/‏‏ نتائج هزيمة 1967/‏‏ انكسارات الشخصية العربية نتيجة القهر بجميع مستوياته، وصولاً لرصد ذلك الحدث الشرخ في حياة الأمة وما ترتب عليه)، إضافة لعدد هائل من عمالقة التمثيل المصريين: يحيى الفخراني، صلاح السعدني، سهير المرشدي، عبلة كامل، إلهام شاهين، آثار الحكيم، ممدوح عبدالعليم، صفية العمري، وممثلين كثر آخرين.

تواجه الدراما العربية بشكل عام مشكلات النصوص وكتاب السيناريو المحكم، كما تواجه شبح الرقابة من جهة ومنافسة بعض شركات الإنتاج العملاقة التي تضخ الملايين لصالح أعمال تزيد في خراب الذوق والذائقة ومنظومة القيم، أعمال تجتهد بقصد أو بجهل لترويج أفكار تضرب العديد من الأنظمة والقواعد الأساسية في بنية المجتمع العربي كالأسرة والإنجاب والعلاقات الزوجية والانتماء..

هناك أعمال جيدة بلا شك، مكتوبة بمهنية عالية، يقوم بها ممثلون ذوو إمكانيات تمثيلية هائلة، ويقف عليها مخرجون كبار وأصحاب رؤى واضحة في توظيف كل ما بين أيديهم لإنتاج فن خالص يرضي ويضيف ويضيء، والأهم أن هذه الأعمال متصلة بسياقها الاجتماعي والإنساني فهي تعبر عن واقع المجتمع بشكل حقيقي وواعٍ بعيداً عن الخطابية والصراخ والابتذال والتهريج والتكرار.

كثير جداً من مضامين دراما اليوم، لا تزال بعيدة عن طموحات المشاهد ووعيه وتطور المجتمع واختلاف خياراته، تجنباً للنقد وتحقيقاً لرضا الجميع وتجنباً لغضب الجميع كذلك، وهذا ما لا يمكن أن يظفر به الفن والأدب بشكل عام أو دائم، إن دور الفن هو التوعية وحرث الواقع جيداً، وإلقاء أحجار متتالية في بحيرات الركود وليس ممارسة الفرجة الغبية عليها!

Email