الإعلام والإعلان.. هناك فرق!

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الدراسات الإعلامية يدرس الطالب الكثير من التعريفات الإجرائية الأساسية التي لا يستقيم تخصصه ومعرفته دون الإلمام بها، أولها تعريف الإعلام والإعلان والدعاية، فقد تم الخلط بينها على الدوام، وتم استغلال الوسيلة أو الوسيط الإعلامي لتضليل الناس عمداً أحياناً، وجهلاً أحياناً أخرى، بحيث أصبح كل من يقدم إعلاناً عبر الإذاعة أو التلفزيون إعلامياً، وكل من يقدم إعلاناً ترويجياً مقابل مبلغ مادي إعلامياً ومحترفاً ومؤثراً.

هذا الخلط أو الاختراق سببه حالة الميوعة أو السيولة التي أصابت التصنيفات الإعلامية حول الإعلام، وعدم الالتفات بشكل جدي لموضوع المهنية والمعايير الصحيحة في تقييم الأداء أو الشخص في المجال الإعلامي، إضافة لظروف موضوعية لعبت دورها كذلك، كثورة الاتصالات والإعلام الجديد الذي منح الجميع الحق في أن يكونوا إعلاميين دون أن يكون البعض منهم قد قرأ كتاباً واحداً في الإعلام، أو امتلك معياراً مهنياً واضحاً من معايير العمل الإعلامي الصحيح.

هذا الخلط، أو ما يعرف بالسيولة التي طالت الحياة الاجتماعية والسياسية ومنظومة القيم والعواطف والعلاقات… إلخ، تتجه صعوداً لتحقيق حالة من الفوضى على جميع المستويات، فحين تتلاشى الحدود والمحددات والمعايير والقوانين و… ماذا يتبقى من المهنية والمعايير والإتقان والحقوق والواجبات؟

لنتأمل ما الذي يحدث حين يتصدر المعلنون المشهد، وكل إمكاناتهم مئات الألوف من المتابعين فقط، مصحوبين بحالة مبهرجة من المقتنيات والماديات والأسماء التجارية الكبيرة… إلخ، هؤلاء المعلنون الذين يقدمون خدمات ترويجية تجارية للأطعمة والمطاعم وغرف الفنادق وشركات الطيران وأنواع البناطيل والقمصان والعطور يصبحون قدوة للصغار ومحط أنظارهم، دافعين بالإعلاميين الحقيقيين بعيداً جداً.

لا نقول إن الإعلان والدعاية خطأ، لكن المادة الترويجية التي تقدم بمقابل مادي لأغراض تجارية تسمى في مجال ضبط المصطلحات (إعلاناً)، وليس إعلاماً، ومن يقدمها يسمى معلناً، وليس إعلامياً، فهناك فرق كبير جداً، هذا الفرق ينعكس على نوعية ومستوى ومعايير المحتوى، كما يحدد هدف الرسالة التي تقدم للناس، فهدف الإعلان يختلف عن هدف البرنامج السياسي بالتأكيد.

Email