الكاتب والصدفة!

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا أفهم كيف يمكن للبعض أن يصدقوا أو يقتنعوا أن هناك شيئاً يمكن أن يحصل بالصدفة، أو يظهر من اللاشيء، أو من الفراغ، كأن تنمو شجرة مثلاً دون بذرة، أو يظهر أمامنا طفل من الجدار، أو يوجد كاتب بالصدفة، أو يؤلف أحدهم رواية للمرة الأولى في حياته فينال بها جائزة نوبل للآداب بينما هو لم يفتح كتاباً ذات يوم، أو يصبح ذلك الطفل الفقير اليتيم فاتحاً كبيراً غير مسار التاريخ وأقام إمبراطورية مترامية!!

قناعتي أن لا شيء يمكن أن يحدث بالصدفة في هذا الكون المترامي، الأشياء تحدث وفق تسلسل ومنطق معين، إلا أننا إما لا ندركه أو لا نحيط بخفاياه أو لا نفهمه كما يجب، فهناك غالباً أمور خفية وحقائق غائبة تلعب دورها في تأسيس الأحداث، إذا لم نعرفها فلن نفهم ما يحدث!

حين سألني صحفي منذ سنوات بعيدة عن الصدفة التي نقلتني من عالم التعليم إلى بلاط صاحبة الجلالة الصحافة، تحفظت على كلمة (الصدفة) قلت له أنت تراها صدفة وأنا أراها قدراً، فقال كيف تفسرين الأمر إذن؟ أن تكتبي مقالاً بشكل عابر، وبلا تخطيط مسبق، ثم يقبل في الجريدة مباشرة وينشر ضمن الصفحة المخصصة لمقالات الكتاب المحترفين وخلال زمن قياسي؟ إنها الصدفة التي كانت ترسم حياتك يا سيدتي، هكذا أنهى المسألة!

هذا الموقف حدث منذ أكثر من 20 عاماً:

فقد حدث موقف، اصطدم بعنف مع مبدأ لدى شخص ما، فدفعه ذلك لأن يكتب ليعبر بتلك الكتابة عن موقفه ومشاعره حيال الموقف وبكل صدق، ثم أرسل بما كتب لجريدة ما، وكأنه يريد أن يعلن موقفه ذاك للجميع أو يتشاركه معهم، ليقول: هذا موقفي من الأمور وهكذا أفكر، وإذ بالصحيفة ترحب بالمقال وتقوم بنشره باحتفاء تراه الصحيفة ملائماً، فينتج عن ذلك ظهور اسم كاتب له لغته ومواقفه وأسلوبه، فتتغير حياته تماماً فيما بعد!

فأين الصدفة من كل ذلك؟

 

Email