ما الذي لم يتغير؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

قالت صديقتي إنها لم تتمكن من النوم الليلة الفائتة، رغم أنها أوت إلى فراشها باكراً بعض الشيء، وقال أخي إنه بقي يتنقل بين مسلسلات نتفليكس حتى فوجئ بنور الفجر يتسلل عبر نوافذ المكان، بالنسبة لي فإنني أميل إلى السهر والذهاب للفراش في ساعة متأخرة جداً، وهي إحدى عاداتي السيئة، هكذا أصبح معظم الناس لا ينامون كما كانوا ولا يجدون مخرجاً من القلق والأرق.

بذلت الكثير لضبط ساعتي البيولوجية في علاقتي بالنوم، وكنت أفشل دائماً، فكما يعتاد الدماغ على مواد لا يمكنه الاستغناء عنها ببساطة، تتمكن عادات النوم منا فيصبح إصلاح الخلل صعباً أحياناً، مع ذلك فلا بد من الاستمرار في محاولة الإصلاح، ولا بأس من اتباع مختلف النصائح التي يسديها لنا المختصون والأطباء.

إن أحد أكبر الأخطاء في حياتنا حين صدقنا عمر الخيام وأم كلثوم حين أقنعانا بأنه:

ما أطال النوم عمراً

ولا قصر بالأعمار طول السهر!

وبعيداً عن المسألة القدرية المتعلقة بطول العمر وقصره، فأن تأوي إلى فراشك باكراً ليس أمراً تافهاً، إنه يتعلق بإيقاع يومك التالي كاملاً، ويعني مدى صفاء ذهنك، وطريقة تعاطيك مع الناس والظروف الطارئة، ويعني طبيعة مزاجك ومدى لياقة جسدك، ومع مرور الأيام ستشكل عاداتك في النوم أحد محددات أسلوب حياتك كاملة، لذلك من الأفضل أن لا نستخف بالأمر.

ما زلت أسيرة ذكرى تلك الأيام التي كنا ننام فيها بعد صلاة المغرب على حكايات أمي وغنائها الجميل وهي تشدو أبيات شعر تلخص بعض الحكايات التي ترويها لنا، بينما نحن ممدّدون على الأرض، عيوننا تتحرك مقتفية خيالاتنا المنعكسة على جدار الغرفة التي يخيم عليها جو حميم في ظل إضاءة مصباح باهت يجعل لكل شيء يتحرك في فضاء الغرفة انعكاساً ضخماً يثير مخيلتنا، فنغيب مع الخيالات في متاهات قصص نصنعها بأنفسنا.

لقد تغير كل شيء، ما الذي لم يتغير؟ حتى النوم.. ما عاد الناس ينامون كما السابق، ما الذي يشغلهم؟ أشياء، ولا شيء، ما الذي يمنعهم؟ كل شيء، وما أكثر الأشياء!

 

Email