أين عقل العالم؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

بنهاية عقد التسعينيات، ودخول العالم عصر الألفية الثالثة، بدا واضحاً أن نظاماً جديداً ومغايراً بدأ يتكشف أو يكشف عن وجهه الشرس، عبر أدوات توزعت على الجغرافيا والتاريخ والسياسة والاقتصاد حتى طالت منظومة القيم، لقد بدأ التغيير وكأنه أحداث متفرقة لا رابط بينها من ناحية الشكل أو المضمون، لكن الطرق كانت كلها تقود لما نحن فيه.

فما الذي يربط انهيار برجي التجارة في نيويورك بغزو العراق؟ وما الذي يربط توجهات إلغاء الرقابة على الإعلام وإلغاء وزارات الإعلام أساساً في مطلع الألفية الثالثة بمبدأ التدفق الحر للأنباء الذي بدأ الحديث عنه عام 1948، والذي حاربت الولايات المتحدة لإقراره؟ وما علاقة ذلك بظهور شبكات التواصل ومنصات القنوات التجارية (نتفليكس نموذجاً)، بنظرية «الفوضى الخلاقة» التي تحدثت عنها كوندوليزا رايس عام 2006؟

من كان وراء ذلك الزخم الإخباري لجماعات عبدة الشيطان والمثليين؟ من كان يقف وراء ظهور «داعش»، وما عرف بثورات الربيع العربي؟ ولماذا شهدنا هذا التتابع المريب لانتشار الأوبئة المصنعة والخطيرة خلال العشرين سنة الأخيرة، وكأن أحداً يدفع العالم نحو الهاوية وبإصرار؟ إن ما يحدث في أوكرانيا اليوم مخيف جداً، والغريب أن ينفجر مباشرة بعد أخبار انحسار مخاطر «كورونا»، لكن من قال إن «كورونا» سيكون آخر الأوبئة؟!

هل فقد العالم عقله؟ نتمنى أن العقلاء لا يزالون يملكون القرار لإيقاف شيء من هذا التهاوي، فكل المؤشرات خلاصتها أن العالم يتجه نحو فوضى ممنهجة ومخطط لها، وكل ما جاء ذكره ليس سوى أدوات لتحقيقها، هذه الفوضى التي يعيشها العالم اليوم متجلية في الاحتقانات السياسية والحروب وأزمات الطاقة والموارد، وصراعات القيم، وكوارث المناخ والأوبئة، كلها تقول إن العالم بحاجة للعقل أكثر من أي شيء آخر، وإن الحرب لا تخلق منتصرين حقيقيين، ففي الكوارث والأوبئة والحروب الكل مهزوم لا محالة.

 

Email