التغيير قانون ثابت.. ولكن!

ت + ت - الحجم الطبيعي

أمي: للأسف لم يبق شيء على حاله، كل شيء تغير عما كان.

الضيفة: تتأوه بحسرة لتشارك أمي حسرتها على «كارثة التغيير»، التي أصابت كل شيء!

أمي مجدداً: لم يتركوا لنا شيئاً على حاله!

أنا وكالعادة أدخل مثل هذه الحوارات على طريقة لاعبي الهجوم، لتغيير وقع (الحديث الديستوبي)، وبدلاً من حديث الحنين والأنين، أحاول أن أعيد الحديث إلى سياق هادئ وعقلاني، فأقول: هناك تغييرات ضربت كل مفاصل الحياة في كل مكان، نعم، هذا صحيح وملاحظ، لكن لذلك أسباب منطقية وواقعية علينا أن نفككها لنفهم سياق التغيير!

أنا: إن حدوث التغيير الذي تتحدثان عنه أمر طبيعي جداً، فالذين كانوا يديرون الأمور (التي تغيرت) ويبيعون ويشترون، ويصنعون وينجزون الأعمال.. إلخ، إما أنهم غادروا الحياة، أو أنهم كبروا وتركوا المكان لآخرين، فخلف من بعدهم آخرون، ليسوا مثلهم، مختلفون في كل شيء، كما أن السياق العام لحياة المجتمع ونوعية البشر وأخلاقهم وإمكانياتهم ليست كما كانت عند السابقين.

أمي: تقصدين أن السابقين كانوا على خطأ؟

أنا: على العكس تماماً، كانت لديهم أخلاقيات وسلوكيات وشخصيات وقناعات مختلفة، كانوا أكثر صدقاً وصبراً، أقل جشعاً وفساداً، أكثر حرصاً على أخلاقيات التعامل ومصالح الناس، وكانت السمعة الطيبة مهمة ومحل تقدير، كل ذلك لم يعد كما كان، لا يعني ذلك أن الناس أصبحت وحوشاً، لكننا نبحث في جذور التغيير، كيف ومن أين جاء؟

معروف أن التغيير هو قانون حتمي غير قابل للجدل، كل شيء يتغير، البشر والحضارات والدول والقيم والأخلاق، والموارد، والعلاقات، والمناخ، والثروات.. إلخ، والتغيير قد يكون للأفضل كما قد يكون للأسوأ، وطالما أن المتسبب في كل ذلك هو الإنسان فمرد كل شيء لطريقة تعامل هذا الكائن مع موارد الطبيعة عبر الزمن: هل يتعامل معهما ويوظفهما ليصنع حضارة أم ليؤسس للخراب؟ هذا هو لب الحكاية، حكاية الحضارة الإنسانية.

 

Email